لا يعرف الكثيرون أن نصف جمهور محمد منير اكتسبه فقط عندما انتقل لشركة فري ميوزك المنتجة لأغانيه في التسعينيات، وأن محمد محيي تصدر قائمة الأكثر مبيعا مع نفس الشركة، ربما لم يدرك الكثيرون أن كل هذا بفضل شخص واحد فقط يستحق أن يكون صانع النجوم الأول في مصر اسمه نصر محروس
البداية
مواليد السابع من يناير عام ١٩٦٩، مواليد برج الجدي الذين يملكون من العند ما يحرك الجبال، ، يعمل منذ نعومة أظافره مع والده محروس عبد المسيح في توزيع شرائط الكاسيت في القاهرة والدلتا، يسافر صغيراً بالقطار حاملاً حقائب و”كراتين” الشرائط لتوزيعها واستلام المرتجع وحساب الموزعين، يشارك والده الذي كان ينتج أعمالاً لكبار الفنانين مثل محمد رشدي، كارم محمود، محرم فؤاد ومحمد قنديل في اختيار الأغاني ومساعدة الملحنين ومهندسي الصوت.
يشرب نصر محروس الصنعة بالممارسة حتى يقرر في أواخر الثمانينات وعمره لم يتجاوز الـ٢٠ عاماً أن يفتتح شركته الخاصة لانتاج الموسيقى والأغاني ويبدأ باكتشافه الأول المطرب أمين سامي الذي كان يعمل ضمن كورال حميد الشاعري، ينجح المطرب الشاب وتشتهر للغاية أغنيته “دلوعة الواد وحيلة”.
بدأ نصر حياته باكتشاف وهو ربما لا يعلم أنه سيفعل هذا للأبد، تقول هيلين كيلر “الحياة لابد أن تكون مغامرة جريئة أو لا شيء” وقد كانت.
الانطلاق
يطلق نصر محروس مجموعة ألبومات لعازف الساكس سمير سرور بعنوان عاشق الساكس، يسخر المنتجون من إختيار المنتج الشاب، فتحتل الشرائط قمة المبيعات، يمصمص البعض شفتيه مكتفين بلعن الحظ الذي حقق هذا، وحده كان يعلم أن إعادة تقديم النجوم بشكل أخر سيدفعهم للقمة، وأن الدعاية ليست مجرد بوسترات وإعلانات مدفوعة الأجر.
يفشل أول ألبومات بهاء سلطان، فيذهب محروس بنفسه لأكبر مواقف الميكروباص في القاهرة والدلتا، ويقوم بتوزيع الشريط مجاناً على السائقين مع بوستر صغير، في ظرف شهر واحد تسمع مصر كلها بهاء سلطان وتتعلق بصوته فيعيد طرح الألبوم ليحتل قمة المبيعات.
يعيد محمد محيي الذي حقق نجاحاً خاطفاً قبل أن يخفت نجمه بألبوم “صورة ودمعة” ويقرر إخراج أغنيتين بطريقة الفيديو كليب، يسخرون منه مرة أخرى لأنه يعمل مخرجاً لكنه ينجح للغاية بأغنية “ليه بيفكروني”.
يقنع الكنج محمد منير بالانضمام لشركته بعد انهيار شركة “سونار” فيقدم معه “في عشق البنات” وألبوم “قلبي مساكن شعبية”، ويحتل منير قمة المبيعات للمرة الأولى في تاريخه ويدخل لجمهوره شرائح لم تسمعه من قبل.
يكتشف تامر حسني وشيرين عبد الوهاب، ويطلقهما سوياً في عام ٢٠٠٢، حتى يصبحا ضمن أهم نجوم الغناء في العالم العربي، ويقدم سوما ودياب وودنيا سمير غانم وغيرهم.
المدهش أنه أعاد محمد رشدي رحمه الله للحياة عندما أنتج له ألبوم دامت لمين قبل وفاته ليتصدر رشدي سوق المبيعات
يكتب نصر الأغاني ويخرجها ويشارك في اختيارها، لا يتوقف عند سخرية الأخرين لأنه مؤمن بما قاله رونالد سبورت : إذا لم تحاول أن تفعل شيء أبعد مما قد أتقنته .. فأنك لا تتقدم أبدا
المشاكل
خلافات مع مصطفى كامل وتبادل للإتهامات، خلافات مع تامر حسني وانفصال فني، خلاف أكبر مع شيرين عبد الوهاب، تصريح لبهاء سلطان يقول فيه أنه لا يريد أن يكون تدميره على يد مكتشفه، يحتكر نصر محروس نجومه التي صنعها لأعوام طويلة وبأموال قليلة، يهبهم النجاح والشهرة الضخمة لكنه لا يغدق عليهم بالأموال كالأخرين، يبني مدرسته الخاصة على الصرف على النجم لصناعته بشتى الطرق حتى إطلاق الشائعات وترويجها، ودفع مبالغ مالية لبائعي الكاسيت في عصره الذهي لتشغيل ألبوماته ليسمعها الناس في عرض الطريق، لكنه لا يؤمن بأن يذهب المصروف الأكبر للنجم، وهو ما لا يعجب النجوم.
أعد نجومه جيداً واختار اللحن مرة واثنين وأعاد كتابة الكلمات، وأطلق دعايات جديدة وطرق لم يألفها المجتمع المصري لكنها نجحت بجرأة وصبر.
ديكتاتور حقيقي في إدارة شركته وهو ما جعل البعض يبقى في أروقتها لمدة ١٠ سنوات دون انتاج أغنية واحدة كالفنانة شيرين عبد الوهاب، يثير الغضب أينما حل لأنه وحده يعلم أن كل ما يلمع ليس بالضرورة ذهباً في عصر تحويل الفسيخ إلى شربات.
يغادره البعض ويخفت نجمه، ينتهي أخرون، ويقدم هو حتى الأن ورغم انهيار الصناعة نجوماً جدد، وتنجح الأقلية القليلة من الكثيرين الدين انفصلوا عنه فنياً فيبتسم بثقة الصانع الماهر.
يجب أن تثق بنفسك .. وإذا لم تثق بنفسك فمن ذا الذي سيثق بك !!؟؟
تعليقاتكم