من عالم الدراما إلى السينما، ورغم العديد من الأعمال جاءت الشهرة في السينما متأخرا، ربما متأخرا كثيرا على حجم قبول وموهبة هذا الرجل، فؤاد أحمد أحد أكثر الممثلين تميزا بطريقته وأدائه، ونبرة صوته، فؤاد احمد الرجل الذي يحول كل جملة إلى إفيه بطريقته.
لم يقم ممثل أبدا بظلم نفسه بنفسه مثلما فعل فؤاد أحمد، الرجل الذي كان لديه كل ما يؤهله للخروج من منطقة ضيقة للغاية وضع فيها نفسه بإرادته، إلا أنه استساغ ذلك الأمر لدرجة أننا نراه في جميع أدواره بتنويعات مختلفة على شخصية الناظر في مسرحية علشان خاطر عيونك.
في السينما أول بطاقة تعارف حقيقية كانت على يد سمير سيف في فيلم المشبوه، ليبدأ رحلة مفترض أنها سهلة نوعا ما، نجاح كبير في دور هام في فيلم إمام عادل إمام تاريخ درامي مميز قبول وموهبة، ولكن فجأة حدث أمر ما لا أحد يفهمه أبدا، تحول فؤاد احمد إلى شخص واحد فقط يقدم كل الأدوار وكأنه برنامج ما وأصابه عطب.
ولكن على الرغم من سقوطه في بئر ممثل البصمة – كما أحب أن اسميها-إلا انه استطاع تقديم عدد من الأدوار الملفتة للنظر والهامة في تاريخه من خلال تلك البصمة مثل دوره في فيلم أصدقاء الشيطان، ودوره في فيلم خمسة باب، ودوره في فيلم القطار، وغيرها من الأدوار التي كانت محاولة منه للفكاك من الفخ الذي صنعه لنفسه.
دوره في فيلم أصدقاء الشيطان ربما هو الأفضل من وجهة نظري، دور “شاور” الدجال، الرجل الذي يظهر ثلاثة مشاهد فقط لا غير ليقلب كل الأمور رأسا على عقب، في المشهد الأول تجد أن شاور هذا يرتدي ملابس سيدة ويضع ماكياج سيدة ويقوم بمساعدة زينات للوصول إلى قلب جلال.
وفي المشهد التالي لظهوره، يظهر بمظهره الذكوري، ليدور بينه وبين جلال واحد من أجمل حوارات الفيلم، وقتها أري مباراة جانبية بين نور الشريف وأحمد فؤاد، بكلمات بسيطة يستحوذ أحمد فؤاد على المشهد وبالمناسبة هو المطلوب تماما، في الوقت الذي يجب على شخصية جلال أن تقاوم وبشده لا أن تكون سهلة وساذجة لتقع تحت تأثير شاور.
وكأن فؤاد أحمد استحضر كل موهبته في هذا المشهد، فهو حرفيا ينتزع المشهد انتزاعا من براثن نور الشريف، وينتزع القوة انتزاعا من روح جلال، لذلك لو كان ممثلا أقل قوة أو أقل حضورا لذهب أهم مشهد في الفيلم إلى طي النسيان، ولكن حتى هذه اللحظة أتذكر أداء فؤاد احمد في شخصية شاور وهو يروض جلال بجملة واحده فقط “اسم أمك؟”
الغريب أن فؤاد أحمد لم يكن سيئ الحظ فقط في التمثيل من حيث وقوعه في فخ الشخصية الواحدة، ولكن سوء الحظ لازمه في حياته لدرجة جعلت مأساته أحد أشهر مآسي التمثيل في مصر، بسبب دوره في مسلسل ” لا إله إلا الله” والذي كان يتطلب دهان رأسه ووجهه، وكان ماكيير التلفزيون يستخدم الدوكو للدهان، في سابقة عجيبة غريبة في فن الماكياج.
تسبب المكياج في انسداد المسام وتسرب إلى المخ وبدأ فؤاد احمد يفقد البصر شيئا فشيئا بسبب انسداد الشعيرات الدموية دون أن يتلقى العلاج المناسب، ليلازمه سوء الحظ طوال عمره حتى يتوفاه الله في 15 أغسطس 2010
تعليقاتكم