إذا كنت تتذكر قصة ماوكلي أوطرزان، فستعرف شكل حياة الانسان الذي تم تربيته على يد الحيوانات، لكن مثل هذه القصص يظل خيالياً بالنسبة للكثيرين، لكن بالنسبة للأسباني “ماركوس رودريجز بانتوجا” الذي قضى أغلب سنوات طفولته وشبابه في الريف الأسباني بجانب الذئاب والحيوانات البرية، فهذه قصة حياته وليست قصة خيالية.. لنتعرف أكثر على حياة “ماوكلي الحقيقي” الذي قضى سنواته في البرية، دون التعامل مع البشر.
يرى ماركوس، 72 عاماً الآن، أن حياته مع المجتمع البشري بعد عودته له، هي حياة تعيسة، وأنه كان أكثر سعادة أثناء العيش مع الذئاب، بل حاول أكثر من مرة أن يرجع لحياة البرية، حيث كان يعيش مع الذئاب وبعض الحيوانات الأخرى دون أي احتكاك بالبشر.
أما عن بداية حياته البرية، فهي ترجع للخمسينات، حينما كان عمره يقارب الستة سنوات، حيث قامت عائلته التي كانت تعامله بقسوة، ببيعه لأحد رعاة الماعز والأغنام في منطقة جبلية ريفية، وبعد فترة قصيرة، توفى راعي الماعز العجوز، تاركاً ماركوس الطفل وحده.
هروباً من فكرة العودة لعائلته القاسية، قرر الهرب للبرية، باستخدام بعض آليات النجاة التي علمها له المزارع العجوز، وليتأقلم أكثر مع حياة البرية، قام بمراقبة الحيوانات، والتعرف على طرق معيشتهم، ليقلدها.
خلال 15 عشر عاماً قضاهم في البرية، يقول ماركوس بأنه سكن أحد الكهوف، وتشارك فيها مع الذئاب وبعض الحيوانات الجبلية، بل وتفاعل معهم في حياتهم، واعتبروه جزءاً من قطيعهم.
أما عن نهاية حياته البرية، فتم انقاذه من البرية في عامه ال19، على يد أحد الحراس المدنيين، ليحاول بعدها التأقلم مع المجتمع البشري لسنوات، حيث قال إنه تم استغلاله من قبل الكثير من الناس، من بينهم رؤسائه في العمل، إضافة إلى المضايقات التي تعرض لها في حياته الشخصية، لذلك كان يعاني من الوحدة بشكل أكبر مما كان عليه في مجتمع الذئاب، حتى أنه قال لأحد الصحف المحلية، إن الناس يسخرون منه لأنه لا يعرف شيئاً عن كرة القدم أو السياسة، أو الكثير من المجالات الأخرى في الحياة البشرية.
حاول ماركوس العودة أكثر من مرة لحياة البرية، بسبب قسوة عالم البشر، لكن تلك المحاولات باءت بالفشل، وذلك لأن الذئاب –على حد قوله- لم يتقبلوه مرة أخرى عند عودته.
من ناحية أخرى، فإن حياة ماركوس ليست بتلك البشاعة التي يقولها، حيث يبدو على حياته التمتع نوعاً ما بالتعامل مع البشر، حتى أنه يمتلك الكثير من الأصدقاء من جيرانه، حتى أن هناك العديد من الجماعات المهتمة بالبيئة، تقوم بمساعدته من حين لآخر.
بالنسبة لرأي أحد الخبراء في قصة حياة ماركوس -عالم الإنسانيات “جابريل مانيلا”- فيقول أن ما يرويه ماركوس عن طفولته، ليس ما حدث بالفعل، ولكن ما يعتقد أنه حدث، فمثلاً حينما يخبرنا أنه أعطى الحليب لأحد الحيوانات، ليتتبعه ذلك الحيوان بعد ذلك، يعتقد ماركوس أن ذلك الحيوان هو صديقه الذي سيحميه في البرية، بينما الحيوان يتتبعه من أجل الحليب فقط.
بإزالة الجوانب العاطفية من رواية ماركوس، سنتعرف على شكل حياته في البرية، دون الاحتكاك بالبشر، وبالرغم من قسوة طفولته وتجربته، إلا أنه مفيدة جداً لعلم النفس، والتعرف بشكل أكبر على الإنسان.
تعليقاتكم