يخطئ من يظن أن الزعامة الشعبية التي كانت مع فجر تاريخ مصر القومي الحديث كانت قد ظهرت مع وصول محمد علي للحكم سنة 1805 م بعزل خورشيد باشا ، بل ظهرت علامات كثيرة تدل على الزعامة الشعبية في مصر، إلا أن عزل خورشيد باشا اكتسب أهمية كونه أول حاكم يتم خلعه بحِرَاك ثوري في مصر خلال العهد الحديث.
في القوقاز ومن أصل جورجي ولد خورشيد أحمد باشا، وغير معروف تاريخ ميلاده، رحل إلى القسطنطينية في سن الشباب ثم اعتنق الإسلام والتحق في فيالق الإنكشارية.
عقب جلاء الحملة الفرنسية تم تعيينه محافظاً للإسكندرية، ثم حاكماً لمصر سنة 1804 م في تحالف جمعه مع بريطانيا لكن فشل تعيينه وتم عزله في ثورة شعبية أسفرت عن تولي محمد علي حكم مصر في مايو سنة 1805 م.
كتب التاريخ المصري لم تتطرق لحياة خورشيد باشا بعد عزله، لكن المراجع التركية تكشف عن توليه منصب حاكم الروملي وهي الأراضي العثمانية الواقعة في أوروبا سنة 1808 م، وبعد ذلك بعام أرسلته تركيا إلى صربيا من أجل قمع الانتفاضة الصربية الأولى في 5 سبتمبر سنة 1812 م.
خلال فترة إقامته بصربيا تم تعيينه في منصب الوزير الأول، وسرعان ما تولى قيادة الجيش التركي وتمكن من صلاحيات منصبه في استرداد بلجراد سنة 1813 م، ثم تولى حكم البوسنك ونجح كذلك في مقاومة الثورة الصربية الثانية ضد العثمانيين، وبدأ نجم خورشيد باشا يزداد في سماء رجال السياسة العثمانيين، حتى تم تكليفه بمقاومة عساكر علي باشا والذي تمرد على الدولة العثمانية وتعاون مع اليونانيين.
خرج خورشيد من مقر إقامته في طرابلس تاركاً خزائنه وحريمه وجعل نائبه محمد صالح قائماً بأعماله في طرابلس مع ألف جندي ألباني، وبالتوازي مع خروج خورشيد باشا لقمع علي باشا بدأت الانتفاضات الأولى لحرب الاستقلال اليونانية، ودون الرجوع للدولة العثمانية أرسل خورشيد تجريدة لقمع الانتفاضة هناك لكن خططه باءت بالفشل.
خلال قيام خورشيد بمحاولة قمع الانتفاضة اليونانية، سقطت طرابلس في يد اليونانيين أنفسهم بخيانة علي باشا عدو خورشيد اللدود وفي نفس الوقت نجح في إفشال الاحتلال اليوناني لطرابلس وتمكن من إلقاء القبض على كل المتمردين التابعين لعلي باشا.
كان الثراء هو أحد الأسباب التي أدت إلى نهاية خورشيد، حيث تمت إدانته نتيجةً لإساءة استخدام الكنز العام وتم عزله من مناصبه ووضعه تحت الإقامة الجبرية في لاريسا اليونانية وقت أن كانت تابعة للدولة العثمانية، ورغم محاولات عودته السياسية لكن ظل اتهام العثمانيين له في ذمته المالية أمراً مزعجاً خاصةً بعد ثبوت الاتهام عليه مما جعله ينهي حياته بتناول السم في 30 نوفمبر 1822 م.
تعليقاتكم