«يجب الاعتراف أنني لم اقرأ للأدباء الذين كانت أعمالهم شائعة وقتئذ، مثل السباعي ومحمد عبد الحليم عبد الله وغيرهما، حتى يوسف إدريس لم اقرأ من أعماله إلا مجموعات محدودة، مثل أرخص الليالي، والنداهة، ورواية البيضاء، قرأته في سن متأخرة وهكذا نجوت من تأثيره الطاغي الذي أدرك معظم أدباء الوسط.كنت في دار الكتب اقرأ الأعمال العظمى، وأحلم أن أكتب مثلها»
هكذا بدأ «الغيطاني» حديثه عن أول قصة كتبها في حياته.
وقال الغيطاني، انه استعار من دار الكتب “تفسير الاحلام” لفرويد، وقرأه وشعر أنه لابد أن يقتني هذا الكتاب الذي ترجمه للعربية الدكتور مصطفى صفوان وصدر عن دار المعارف.وكان ثمنه مائة وخمسين قرشًا، وكان هذا مبلغ جسيم لطالب في المرحلة الاعدادية لا يتجاوز مصروفه اليومي وقتئذ قرشين صاغ فقط، لقد فتح له الكتاب آفاقًا جديدة في القراءة، لافتًا إلى انه ازداد تصميمه على اقتنائه، واستعاره من دار الكتب، وكانت المدة خمسة عشر يومًا ويعيده.فقررت أن انقل الكتاب كاملًا حتى الهوامش المكتوبة الألمانية والانجليزية التي لم يكن يعرفها.
ثم بدأ في قراءة الرويات والملاحم الشعبية، التي دفعته للبحث عن سؤال :أين ذهب الأمس؟ ، مشيرًا الى انه ذلك دفعه لقراءة التاريخ الفرعوني، وبعض مصادر التاريخ القبطي، ومن الكتب التي أثرت في للغاية خلال ستينات كتاب سندباد مصري للدكتور حسين فوزي الذي اعتبره دليلًا جديدًا لتاريخ مصر.
أما عن علاقته بالموسيقى فقال «الغيطاني» انها بدأت عبر الفراغ، من الموالد، والموشحات الدينية ومن قبل ومن بعد تلاوة القرآن الكريم.ثم عرفها من خلال السينما عندما كا ن يصطحبه والده إليها منذ الطفولة وفي بداية الستينات بدأت علاقته بالموسيقى تتوثق أكثر.ومن خلال القراءة والبرنامج الثاني الذي كان يقدمه الدكتور حسين فوزي ، عرف طريقه إلى الموسيقى الكلاسيك.وفي مكتبة صوت الفن التي كانت تطل على ميدان التحرير كان يختار مقطوعات معينة.ثم بدأ اهتمامه بالفن التشكيلي والعمارة والسجاد، وساعد السفر والوقوف بالمتحاف على اهتمامه بها ،على حد قوله.
وقال جمال الغيطاني انه فى أحد أيام عام تسعة وخمسين وتسعمائة وألف، سمعت من والده حادثة تدور حول رجل ضبط سكيرًا في الجمالية فشعر برغبة في كتابتها وهكذا كتب اول قصة “نهاية السكير” ، لكنها لم تنشر. وفي عام واحد وستين وتسعامئة وألف أعد أول مجموعة قصصية بعنوان ” المساكين”، واختار هذا الاسم تيمنًا بأول رواية لمن ابهره عالمه وقدرته وهو “دستوفيسكي”، وقدمها إلى إدارة التأليف بالمؤسسة المصرية للتأليف والنشر التي كان مقرها في 27 عبد الخالق ثروت.
لكن المجموعة تعطلت بسبب الاخطاء اللغوية، حسبما قالت له السيدة شفيقة جبر،ومر سنوات حتى صدرت مجموعته الأولى “أوراق شباب عاش منذ ألف عام” ، ولم تصدر “المساكين” وقالت له شفيقة جبر وقتها انها عندما قرأت تاريخ ميلاده اشفقت عليه من رفض المجموعة وارسالها بالبريد ، خاصة انها استشعرت الموهبة.
تعليقاتكم