يحلو لبعض كارهي السيدة “فيروز” نقل معركة الهجوم عليها إلى ميدان أخر، فيتحول الهجوم إلى شركاؤها فى رحلتها الفنية الطويلة متمثلين فى الرحبانية الأباء والأبناء على حد سواء، فتبدأ الأقلام في الهجوم على إبداع الرحابنة بحجة أنه تراث منقول من كلاسيكيات الغرب بل ومن الشرق إيضًا مضمنين الإتهام أسم خالد الذكر “سيد درويش” .
الحديث عن السرقات الفنية يصنع جدلًا واسعًا ويتلقفه كارهي الفنان المتهم بالسرقة وكأنه صيد ثمين، وبمثابة إنتصار في معركتهم ضده، حتى وأن حاولت نفي تلك الإتهامات بالأدلة الموثقة فلن تستطيع فلا مجال هنا لتغيير القناعات فهم يملكوا الحقيقة المطلقة.
الحقيقة لا يمكن نعت هؤلاء سوى بالجهل والعند لأن الإتهامات ضد الرحابنة كلها لا أساس منطقي لها من الصحة، متناسين عن عمد أنهم كانوا حريصين كل الحرص على ذكر أسم صاحب اللحن الأصلي الذى تم إستخدامه بل وأنتقلت تلك الأمانة الفنية إلى جيل الإبناء فألتزم به “زياد الرحباني” و”أسامة الرحباني” .
لو قمت بعمل بحث على شبكة الإنترنت وعن الأغنيات التى أقتبسها الرحابنة وغنتها السيدة فيروز ستجدها فى أكثر الأحوال لا تتعدى 30 أغنية من ضمن أكثر من 800 أغنية قامت بغنائها، وهنا يجب الإشارة على التفرقة بين السرقة والإقتباس أو نقل اللحن كما هو دون تغيير فالسرقة هي أن تنسب اللحن لنفسك وتسطو على حق المؤلف الأصلي أما الرحابنة فلم يفعلوا ذلك نهائيًا ومع ذلك يتواصل الهجوم عليهم بل أن هناك صفحات على الفيس بوك تنعتهم بالغير أصليين ويتهمهم أخرون بأنهم كانوا يسرقوا من التراث دون رادع، حتى أن الهجوم تحول في أحد المرات إلى إتهام الرحابنة بسرقة إبداع عازف البيانو الأرميني في فرقة الرحابنة “جاك كودجيان” ونسب التوزيع الموسيقي لهم زاعمين أنه الموزع الأصلي، ولو أستمعت إلى ألبومات “جاك كودجيان” والتى وزع فيها موسيقي أغنيات فيروز ستجد أنه لا يمتلك خيالًا عبقريًا فهو لم يفعل شئ سوى أنه عزف الأغنيات مرة أخرى بالبيانو .
. سنقوم برحلة نستعرض فيها أهم الأغنيات التي تم إتهام الرحابنة بسرقتها في محاولة لرد الإعتبار لهؤلاء العباقرة .
أحد أشهر أغنيات فيروز وعندما يريد أحد أن يتهم الرحابنة بالسرقة لا بد له أن يبدأ حديثه بذكر تلك الأغنية، التي صدرت عام 1972 ومأخوذ لحنها من السيمفونية الأربعون لموزارت.
لو نظر صاحب الإتهام إلى غلاف أسطوانة المتضمنة تلك الأغنية سنجد أن الرحابنة كتبوا أنها موسيقى موزارت وهم فقط كتبوا الكلمات وقاموا بتنفيذ الموسيقى لها .
تقع تلك الأغنية داخل مسرحية ” لولو” إنتاح عام 1974 واللحن للموسيقار الروسي “ليف كنيبر” الذى قام بتأليفه عام 1934 بعنوان ” Polyushko-pole”” المضحك فى الأمر أن الأغنية تم إعادتها مئات المرات وظهرت فى عدة أفلام ومع ذلك لم يتم إتهام أحد بسرقتها .
الأغنية عربها الرحابنة في تلك المسرحية وإلتزم بكتابة أسم مؤلفها على غلاف المسرحية.
صدرت الأغنية في ألبوم “معرفتي فيك” إنتاح عام 1984 والذي شهد أولي محاولات زياد الرحباني مع فيروز في ألبوم كامل .
الأغنية لحنها مأخوذ عن موسيقى Concerto De Aranjuez Adagio للموسيقار الأسباني ” خواكين رودريجو”
وألتزم زياد الرحباني بكتابة أسم المؤلف الأسباني على غلاف الألبوم .
استعان زياد الرحباني بواحدة من أشهر الكلاسيكيات العالمية وهي ” “Les Feuilles mortes” او المعروفة لدي الجمهور العربي ب “Autumn Leaves” من تأليف الموسيقار المجري الفرنسي Joseph Kosma
كتب زياد الرحباني كلمات تحاكي أجواء الكلمات الأصلية بعنوان “بيذكر بالخريف” ولم ينسى أن يذكر أسم الملحن الأصلي داخل غلاف الألبوم .
الغريب أن ألبوم فيروز الأخير”ببالي” كله مقتبسة أغنياته من أغاني كلاسيكية عالمية ومع ذلك لم يهاجم أحد الموسيقار الأيرلندي “ستيف سيدويل” الذي قام بتوزيع الموسيقى ولم يتهمه أحد بالسرقة نهائيًا مفضلين أن يتهكموا على تعريب “ريما الرحباني” للأغنيات بشكل قمئ ولم تقم الدنيا وتقعد مثلما يحدث مع الأخوين رحباني.
تظل عملية التوثيق مقصورة على المختصين وقليلون هم من ينظروا داخل أغلفة الألبومات والأسطوانات لمعرفة صناعه ومع فيروز والرحابنة تحديدًا تهمل تلك المسألة مفضلين أن يتهموا الرحابنة بالسرقة فى عناد وتبجح مستمر .
تعليقاتكم