يخبرني صديقي القديم اننا لم نري بعضنا منذ عشر سنوات..! اتأمل كلماته في وجوم و انا احاول تذكر اين كنت منذ هذا التاريخ..! لا يسمح لي بالاسترسال في التفكير .. فيسألني عما فعلته في حياتي.. اخبره انني بخير.. وابادله السؤال عن اولاده..لقد تزوج بالتأكيد و انجب اطفالاً لا اعرفهم !.. لقد عاش حياة كاملة منذ ان تقابلنا اخر مرة.. انها عشر سنوات كاملة!!
المشكلة انني لم اتمكن من تذكر اين حدث هذا اللقاء..! بل لا اتذكر العام نفسه.. عشر سنوات تعني الكثير.. و تحمل الكثير ايضاً..
اذكر انني كنت اميز الاعوام بالبومات الاغاني الشهيرة.. فالبوم مصطفي قمر “سكة العاشقين” قد صدر و انا في الثانوية العامة.. بينما التحقت بالكلية في الوقت الذي كان محمد فؤاد يغني “نحلم علي كيفنا “.. هل مازال احد يذكرها؟!
لقد وجدني علي موقع التواصل الاجتماعي الشهير.. ابتسم وانا اتذكر اننا لم نكن نستطيع ان نفعل ذلك منذ عشر سنوات.. فلم يكن هناك هذا الموقع من الاساس!
الامر ليس سهلاً بكل تأكيد ان تحاول تذكر اين كنت في تاريخ بعينه.. ربما تحمل بعض الذكريات علامات مميزة تجعلك لاتنساها ابداً.. و تجعلك تربطها باحداث محددة ..توجد سلسلة مقالات رائعة لعمر طاهر بعنوان “سنين في الدرج” يسجل فيها ما حدث في كل عام من احداث سياسية و فنية و اقتصادية.. لقد كانت جميلة.. لا ادري لماذا توقفت.. او لماذا لم اعد اجدها!!
اتأمل وجهي في المرأة لالمح خصلات الشعر الابيض التي تناثرت علي جانبي رأسي.. و ابدأ في التذكر الذي لا يتوقف ابداً..!
اتذكر ذلك الطبيب الشاب الذي حصل علي الماجيستير لتوه.. والذي يحلم ان يصبح ناجحاً مشهوراً كهؤلاء الذين يراهم علي شاشات التلفاز.. اتذكر سيارتي الصغيرة التي ابتعتها في هذا العام.. كم كنت سعيداً انني اصبحت امتلك سيارة محترمة!
اتذكر تلك الطفلة الصغيرة التي تبكي بانتظام مستفز.. وتلك الزوجة الشابة التي تحمل جنينها الثاني الذي سيحمل نفس الجينات المزعجة بكل تأكيد !.. انها سعيدة اننا اصبحنا نمتلك شيئاً يمكن ان نطلق عليه سيارة!..
اتذكر محاولاتي لزيادة دخلي المحدود ليكفي اسرتي الصغيرة.. و التي كانت تتطلب ان اخرج من المنزل صباحاً لاعود بعد منتصف الليل يومياً طوال الاسبوع.. فلم يكن ترف الجمعة متاحاً بعد!!
يمر في رأسي شريط الذكريات متابعاً.. فاتذكر الاحتفالات الاسطورية بكأس الامم الافريقية .. لقد كانت الفرصة ذهبية امام حسن شحاته وقتها ليرشح نفسه لرئاسة الجمهورية ضد مبارك بسبب شعبيته الجارفة.. ! اذكر ميدو وهو يهتف غاضباً “ليه؟.. كل مرة؟ ” و اذكر هدف البديل عمرو زكي الرائع في شباك السنغال.. اين هو الان بالمناسبة؟! اعني عمرو بالطبع !
انتهت المكالمة مع صديقي بوعود كثيرة للقاء يعرف كلانا انها لن تحدث..! ربما ننجح في تحقيقها بعد عشر سنوات اخري.. لنتذكر سوياً وقتها .. اين كنا منذ عشر سنوات؟!
تعليقاتكم