حينما تمر على ذلك المبني في نهاية شارع هدى شعراوي مع شارع شريف، وتتوقف أمامه بمعماره الإسلامي المميز فأنت أمام وزارة الأوقاف، تلك الوزارة التي تهتم بالأمور والشئون الدينية في مصر، دون أن تسأل نفسك ولو لمرة لماذا سميت بهذا الاسم الأوقاف؟
في البداية الوقف معناها هو الحبس أو المنع، ولكن تعني اصطلاحا ” حبس عين عن تمليكها لأحد والتصدق بها للمنفعة والصرف على مصرف مباح”، والفرق بين الوقف والصدقة إن كل ما هو قائم ولا يزول بزوال الانتفاع به هو وقف بينما كل ما يزول بالانتفاع به هو صدقة فالصدقة إما مال أو ملابس أو طعام وغيرها، أما الوقف فيكون عين مثل مبنى أو قطعة أرض أو حديقة أو منقول مثل الذهب والفضة والسلاح وغيرها من الأشياء التي لا تنتهي بالاستخدام المباشر.
في البداية الوقف له شروط أربعة وهم ” الواقف والموقوف والموقوف عليه والصيغة” الواقف هو صاحب العين والموقوف هي العين نفسها والموقوف عليه الجهة المستفيدة من ريع وأرباح الوقف والصيغة هي طريقة الوقف، فلا يجوز ان يتم الوقف بشرط بيعه أو سداد ثمنه أو استرداده، الوقف أبدي ولا يجوز استرداده إلا في حالات خاصة للغاية منها زوال المنفعة أو زوال الموقوف عليهم، أو ان يعلق الوقف بوفاة الواقف وبهذا يتحول من وقف لوصية.
كما أن الوقف لا يقبل إلا من كامل الأهلية فلا يقبل من صغير أو سفيه أو مجنون أو ناقص الأهلية بأي شكل من الأشكال.
والوقف قسمين الوقف الديني، مثل المساجد أو الأراضي الموقوفة لبناء المساجد أو لمساعدة الدعاة وطلبة العلم أو للإنفاق على الأرامل واليتامى والفقراء والمساكين، وإيواء أبناء السبيل وعابرينه، أو وقفا دنيويا مثل إقامة المستشفيات ورعاية المرضى غير القادرين أو أن يبنى الواقف دار ويوقفها لورثته وهو يسمى الوقف الخاص.
والوقف نوعان وقف على شخص بعينه، حيث يتم وقف قطعة أرض أو بستان أو حقل لفلان ابن فلان، فكل أرباح هذا الوقف تعود للمخصص له، أو وقف على صنف معين مثل اليتامى والفقراء وغيرهم.
والقف على صنف له العديد من الأوجه مثل الوقف للدعاة وطلبة العلم والوقف على الفقراء والوقف على المكتبات العامة والوقف على المستشفيات وحفر الآبار وتوصيل المياه ونشرة الدعوة وإقامة دور للأيتام، والوقف على جماعات تحفيظ القرآن وتطوير الأبحاث ولكن اغرب أوجه الوقف هي:
وقف الزبادي: وهو وقف لشراء الأواني الخزف والفخار لكل خادم كسر أواني مخدومه، يذهب لإدارة الأوقاف ويعطيهم الإناء المكسور ويعطونه أخر سليم.
وقف الكلاب الضالة: هو للإنفاق على الكلاب الضالة ورعايتها والاهتمام والعناية بها !!
وقف الأعراس: هو لإعارة الذهب والزينة والحلي للعروسان غير القادران على شراء ذهب وحلي يرتدونه وقت الفرح ثم يعيدونه إلى أدارة الأوقاف مرة أخرى.
وقف الغاضبات: حيث يمكن للزوجة حينما تغضب من زوجها أن تترك بيته وتذهب لدار للغاضبات وتعيش فيه وتأكل وتشرب حتى ينصل ما بينها وبين زوجها.
وقف مؤنس المرضى والغرباء: وقف من اجل اختيار عدد من المؤذنين أصحاب الأصوات الجميلة وتظل طوال الليل يلقون القصائد الدينية والتواشيح في مكروفون المسجد والهدف منها مؤانسة المرضى غير القادرين والذين يعيشون بمفردهم ومؤانسة الغرباء عن البلد.
وقف خداع المريض: وقف لوظيفة داخل المستشفيات يقوم بها ممرضان حيث يقفا في مكان قريب من المريض بحيث يسمعهم ولا يراهم ويسأل أحدهم الأخر عن حالته فيجيب الأخر أن حالته جيدة وانه من المنتظر أن يقوم من مرضه قريبا وان شفاءه قريب، ويتم ذلك للرفع من روح المريض المعنوية والعمل على إسعاده وتشجيعه على الشفاء.
وزارة الأوقاف المصرية بدأت من عهد محمد علي كهيئة وإدارة مستقلة بذاتها تحديدا عام 1835 حينما أصدر محمد علي مرسوم بإنشاء ديوان عمومي الأوقاف، والتي تطورت بتطور الزمن وزادت مهامها وتحولت عام 1913 إلى نظارة أو وزارة كما يعرف حاليا وعام 1935 أصبحت هي المشرفة على المساجد، والأن أصبح مهمتها هي صيانة المساجد وتنظيم أمور الدعاة والعناية بالأوقاف وصيانتها من مساجد أو ديار أو حدائق أبو بساتين واستثمار المنقول منها.
تعليقاتكم