ربما كانت مصادفة أو قدر أو اتفاق مسبق، صعود نجومية محمد هنيدي وارتباطها بفكرة ما يسمى بالسينما النظيفة، ولكن هنيدي تخطى مرحلة السينما النظيفة، إلى سينما الوعظ والنصح والإرشاد، وياليته توقف حد السينما والنصح وإنما تخطاه هو الأخر إلى حد الخطابة السياسية.
منذ بدايته كبطل ونجم شباك، وهو يحمل هذا الأمر معه أينما رحل، في صعيدي في الجامعة الأمريكية ينهار الفيلم على أعتاب خطاب خلف في حفل التخرج، حول نظرتنا لأمريكا لتضج قاعة السينما بالتصفيق الحماسي حيث ننتقم من أمريكا ونقول رأينا فيها في السينما، بعيدا عن أن في تلك المرة كان منطقيا أن يقول خلف ما قاله ولكنها أصبحت عادة حملها معه أينما رحل.
في همام في أمستردام يتخطى فكرة الانتقام من أمريكا إلى الفكرة التي ستسيطر عليه طويلا في الكثير من الأعمال وهي فكرة الوحدة العربية، ناقشها بقوة واستفاضة في همام في أمستردام وربما هي المرة الوحيدة التي كان يمكن أن يناقش تلك النقطة في عمل فني ولكن هنيدي يبدو انه دار في دائرة مفرغة.
في مسرحية عفرتو تطرق إلى الأخوة المتفرقين الذي يدخل بينهم عفريت، مرة أخرى القضايا العربية فكل أخ في المسرحية يمثل دولة عربية، ونرى ذلك الصراع بينهم طيلة الأحداث بينما يفوز العفريت دائما بسبب الفرقة بين الأشقاء، كان الأمر ليمر مرور الكرام لولا تلك الخطبتين التي قالهما محمد هنيدي وحسن حسني في نهاية العمل، قبل أن يقرروا أن الخطابة وحدها ليست كافية ويختموا المسرحية باستعراض.
هل انتهى هنيدي عند هذا الحد؟ بالطبع لا تكرار نفس التيمة ونفس القضية مرة أخرى في طراقيعوا مع اختلاف الحبكة، وهو ما عاد إليه مرة أخرى في عندليب الدقي بعد توقف طويل قدم من خلاله أفلام جيدة بالفعل بعيدا عن الخطابة مثل فول الصين العظيم وعسكر في المعسكر، صحيح أن بها قضايا اجتماعية ولكن أهم ما يميزها هو الخروج من فخ الخطابة السينمائية.
ولكنه للأسف يعود إلى تلك الدائرة المفرغة مرة أخرى بفيلمه عنتر ابن ابن ابن شداد، الذي يبدو أن أيمن بهجت قمر كتبه خصيصا لمحمد هنيدي، الفيلم الذي يحمل بداخله كما مبالغ فيه من السقطات والمشاكل خاصة في السيناريو، عاد بهنيدي لبوتقة الأخوة المتحدين والمتفرقين والمجد الزائل وكل هذه الخطابة السينمائية المعهودة
السؤال الذي يظل يطرح نفسه دائما لماذا يعيش محمد هنيدي في تلك الدائرة؟ لماذا يظل دائما في هذا المربع وكأنه يخشى أن يخرج منه وحينما غادره عاد إليه سريعا، محمد هنيدي أثبت دائما انه عنده القدرة على مناقشة أي قضية بعيدا عن تلك الخطابة المعهودة، وان يناقش قضايا مختلفة مثل التعليم في رمضان مبروك أبو العلمين، لماذا يعيش في عالم الخطابة لماذا يا هنيدي؟
تعليقاتكم