عبر السفينة وقف محرم بك سنة 1810 م عابراً إلى دولة لم يعرفها ، تاركاً وطنه كافالا وهو في مطلع الشباب، لم يكن هناك شيء يطمئنه سوى أن حاكم هذه الدولة هو “محمد علي باشا” الذي ولد في كافالا اليونانية، وطلبه ليكون أحد رجال دولته رغم تفاوت العمر بين محرم بك و محمد علي بـ 26 سنة، كون أن الأخير مواليد 1769 م، بينما محرم بك من مواليد 1795 م.
لم تمض أشهر إلا وكان “محرم بك” حاكماً للجيزة، إحدى أكثر الأماكن المصرية التي تمثل صداعا سياسياً لـ “محمد علي”، كون أن تمركز المماليك فيها.
لم يكن قدر “محرم بك” مع المماليك أن يكون حاكماً لمدينتهم، بل تحول قدره معهم إلى أن يكون هو المسؤول الأول عن عمليات الاستيلاء والسلب لأموال المماليك المقيمين في مديريته من خيول وجمال وغيرها بعد نجاح “محمد علي” في إنهاء وجودهم السياسي للأبد عن طريق مذبحة القلعة في أول مارس سنة 1811 م.
بعد 9 سنوات من حكم الجيزة، انتقل محرم بك عام 1820 م لحكم الإسكندرية عروس البحر المتوسط ، والتي كان فيها نواة تشكيل الأسطول البحري المصري الذي تشكل عام 1810 م، وظل محرم بك حاكماً للإسكندرية 6 سنوات حتى تولى قيادة الأسطول البحري سنة 1826 م وبذلك يكون هو القائد الثاني للأسطول خلفاً لـ الأميرال إسماعيل الجبل الأخضر.
كانت فترة قيادة محرم بك التي لم تستغرق سوى عام واحد، فترة عسكرية بالغة الحرج حيث أن حرب نافارين تضع أوزارها، وهي أشهر الحروب العسكرية التي جرت في هذا الزمان، وكانت خلال حروب الاستقلال اليونانية، بين الأسطول العثماني مدعومًا بأسطول مصر والجزائر، وبين أسطول الحلفاء الثلاث بريطانيا وفرنسا وروسيا.
شارك محرم بك في معركة نافارين على رأس 89 سفينة تحمل 4600 مقاتل وانضم إلى الأسطول المصري التركي في يوليه 1827 م، لكن كانت الهزيمة تنتظره هو والعثمانيين، وأدت إلى الهزيمة إلى سحق الأسطول العثماني، ورغم أن هذه الهزيمة كانت كارثية، لكنها أعطت الضوء الأحمر لـ “محمد علي” أن يحارب الدولة العثمانية نفسها ليقتنص حقه في مصر منها ويؤسس دولته الحديثة التي كان “محرم بك” أحد رجاله في تأسيسها.
عقب هزيمة الأسطول المصري في معركة نافارين عاد محرم بك إلى الإسكندرية في أكتوبر 1827 ليتولى منصبه القديم كحاكم للإسكندرية وظل محافظاً لها لمدة 20 عاماً، بينما تولى قيادة الأسطول بعده الأميرال عثمان نور الدين باشا.
تزوج محرم من تفيدة هانم نجلة محمد علي باشا، وخلال فترة إدارته للإسكندرية تمكن من خلالها أن يترجم لوائح الحجر الصحي، كما ساعد تركيا في ترجمة نظام البحرية المصرية، وجعل حديقة قصره مكاناً سياحياً للأجانب، وذلك كعنصر جاذب للسياحة التي أولاها محمد علي اهتماماً كبيراً.
توفي في 20 ديسمبر 1847 م عن عمر 52 سنة، ودفن بجوار مسجد النبي دانيال وأطلق اسمه على المنطقة التي أقام فيها وهي المعروفة الآن بـ “محرم بيه”.
تعليقاتكم