” أبوك ها يسيب البيت يا معلم سلطان، البيت ده ها يتطربق فوق دماغ أهالينا يا معلم” في كل شخصيات مسرحية العيال كبرت أقف دوما أمام شخصيتين الأولي هي رمضان السكري الأب، والثانية هي الابن الأكبر سلطان السكرى، سلطان الرجل الذي عرف كل شيء وبيده الحل والربط ولكنه توارى وقرر أن يشتري دماغه لأنه يعرف في النهاية أن الحل في كلمتين.
سلطان السكرى ليس سعيد صالح ربما من عبقرية العيال كبرت أن الشخصيات انفصلت عن ممثليها فأصبح سلطان السكري شخصية مستقلة، سلطان الذي أدرك أهمية وخطورة ما يحيق بالعائلة من أخطار، ولكنه طيلة الوقت اعتقد انه كان يراهن بينه وبين نفسه ان رمضان السكري لن يلقي بالعائلة للمجهول.
ترك الزعامة الخطابية لأخيه المثقف شبه السلبي شبه الإيجابي كمال، بينما هو كان الرجل الذي عرف كل شيء وكان الرجل الذي يتخذ الأفعال، فهو المخطط لخطف الطفل البريء عاطف السكري، والمخطط لانتحار سحر المزعوم بينما كمال المخطط لمنع رمضان من الحديث في التليفون.
سلطان السكري الوحيد الذي “أكل علقتين” في المسرحية والسبب انه يخاف على هذه الأسرة، الوحيد الذي ألتفت لفكرة أن الرجل قد يذهب لسيدة أخرى لأنه غير راضي عن زوجته، فيقرر أن يجعل والدته “ست ملعب” سلطان السكرى هو الذي عرف متطلبات السوق جيدا، أيا كان نوع السوق.
فين كمال الغارق في أحلام المثقفين وسحر الغارقة في وهم الفن وعاطف المغرق في طفولته كان سلطان السكري الرجل الوحيد في هذا المنزل الذي يعرف ما يدور على أرض الواقع، يعرف أن خمسة جنيهات في الشهر غير كافية لفتح هذا المنزل ” خمسة جنية في الإيه” يعرف أن رغبة سحر في العمل في كباريه ليس لها أساس من الصحة بل مجرد شوطه استطاع أن ينهيها بكلمة واحدة منه.
سلطان الذي يعرف كل شيء حرفيا، يعرف ما يعيشه كمال مع سونة أجدع ناس ويعرف علاقة شقيقته بالواد ممدوح، ويعرف الكثير والكثير، ورغم هذا تجده غير مهتم او مكترث بما يحدث، ليتخذ ظاهريا مبدأ خراب يا دنيا عمار يا دماغي، ولكن في وقت الجد يتحول لسلطان السكري الذي حل الأزمة بحديث صادق وواعي مع الأب.
يمكن أن ترى سلطان السكري مجرد شخصية هزلية لا جد فيها ولا في كلامها ولكنها في الحقيقة هي شخصية وقته وعصره ” إحنا مش في عصر الانفتاح ولا أيه” كل ما نعرفه عن سلطان السكري كان ببساطة انه دمر سيارة الوالد وضرب رجل أعمال على قفاه وقال في القسم انه رمضان السكري، ولكن هذا قبل أن يقرر أن يأخذ الأمور على محمل الجد ولكنه الجد الذي يعرفه سلطان السكرى مختلف كليا وجزئيا عن الجد الذي يعرفه كمال شبه السلبي.
المخربش، صديق اللهو الخفي، الذي استطاع أن يجعل رمضان السكري لا يغادر المنزل وعرف سر “الولية” وتلقي العلقتين ” طبق الأصل العلقة اللي فاتت، سلطان السكري، ابن أبوه صدقا وقولا، في رأيي أن رمضان السكري نفسه كان أشبه ما يكون بسلطان في صغره، سلطان الكبير فعلا وقولا، والذي بعد انتهاء الأزمة عاد إلى قواعده سالما ” خراب يا دنيا عمار يا دماغي” ولولاه لما حلت ازمه عائلة السكري، سلاما رمضان السكري أينما تكون.
تعليقاتكم