ما من شيء إلا وله حكمة وما من سبب إلا وله خالق، وكما للأمثال حكايات فإن للأسماء أسبابًا، ويأتي اسم “الحنفية” على “الصنبور” كحالة من حالات الأسماء التي لها أسباب.
في الدارج فإن هناك، “حنيفية” وتلك ديانة النبي إبراهيم، وهناك أحناف وهم أتباع المذهب الفقهي السني الأول للإمام أبو حنيفة النعمان ولهم تسمية أيضاً باسم “الحنفية”، وهنا تُطِل علامات الاستفهام برأسها، هل استخدام حنفية الماء سببه يعود لـ “حنفية الفقه”؟
كانت مصر قديماً تستعمل في مواردها المائية طريقة السقاية عن طريق السقايين الذين يجلبون الماء للبيوت من نهر النيل والآبار الجوفية المضمونة، فيضعون الماء في قِرَب من جلود الماعز ويتم غلقها بـ “صمامة خشبية” مُعَطَّرة بالمستكة وماء الورد وقليل من النعناع.
مع بدء الاحتلال البريطاني لمصر، أرادت إنجلترا تقديم مشروعات تلائم الحداثة والتطور تحت إشراف مهندسين بريطانيين وإيطاليين وعلى رأس تلك المشروعات ، مشروع مد شبكات عمومية الماء لمياه الشرب والصرف الصحي وتكون تحت إشراف المهندسين ويليام ويلكوكس وبرايس باي.
بعد دخول الاحتلال البريطاني بسنتين وبالتحديد في السابع من مايو لعام 1884 م، أصدرت الحكومة البريطانية عن طريق مندوبها السامي في مصر القانون نمرة 68؛ والذي نص على استبدال الميض (مكان مخصص للوضوء) في المساجد بصنابير مربوطة وممتدة من شبكة الإمداد بمياه الشرب على أن تتولى الأوقاف مصاريف الإحلال والتبديل.
جاء نص القانون فيما يتعلق بهذا الصدد، أن يستمر استبدال الميض بحنفيات في أسرع وجه، فضلاً عن تطبيق تلك التجربية في 3 مساجد بمصر ومؤسستين تابعتين بنظارة الأشغال، على أن يتم الاتفاق مع مهندس عموم الأوقاف لمعرفة مزايا المشروع وتكاليفه.
أثار هذا القانون جدلاً على مستوى المؤسسات الدينية الرسمية التابعة للأزهر الشريف، كون أن شيوخ المذاهب الثلاثة “الشافعية و المالكية والحنابلة” عارضوا استخدام المشروع لدرجة أن جعلوا استخدامه مكروهًا في الوضوء ومشكوكًا في صحة صلاة من يتوضأ بالصنابير، وذلك لأن استخدام الصنابير يحول بين المتوضئين وبركة شيخهم عندما يقوم بالوضوء من ماء السقا.
حدثت بلبلة منقطعة النظير حتى تدخل فقهاء الأحناف، الذين يحبذون الوضوء من ماء جاري، ولما لاقى المشروع قبولاً من الشارع المصري بعد موافقة شيوخ الأحناف، سُميت الصنابير بـ “الحنفية” وانتشر الاسم في باقي البلدان العربية والإسلامية.
تعليقاتكم