الشرف.. قيمة كبيرة جدًا في مجتمعنا، نقدر نقول إنه نقطة محورية بيدور حواليها المجتمع كله، إحنا مش بس عندنا أسماء كتير كلها مشتقة من الشرف، زي شريفة.. شرف.. شريف.. أشرف.. شرفنطح، تقريبًا ده أجعص حاجة، إنما كمان الموضوع واصل لأعلى المستويات الرسمية في الدولة.. إحنا عندنا قوانين تم وضعها لحماية الشرف وانتصار له على الرذيلة، أه عندنا تصنيف لبعض الجرايم اسم جرائم شرف، وفعلًا مافيش صفحة حوادث هتخلى من جريمة تصنيفها القانوني جريمة شرف، وهي بتكون غالبا جريمة قتل.. وطول الوقت بيكون القاتل رجل مجدع بيدافع عن شرفه والقتيل بتكون واحدة سِت بتقوم بدور شرفه.
بس بما إننا في عكس عكاس.. خلونا نسأل سؤال مهم: هل إحنا ينفع وصفنا بالمجتمع الشريف؟؟
الرشوة بقت حق مكتسب من سنين.. تخطت فكرة إنها تفتيح مخ أو مجرد استثناء.. أو إنها حاجة بتتعمل في الخباثة، الموظفين -من السعاة وطالع- أغلبهم بيطلب من الناس فلوس بشكل عادي جدًا، كإنها أجرة الميكروباص، وبعض المصالح بقت الرشاوى فيها محددة زي التعريفة الرسمية، وطبعًا الراشي والمرتشي هي جرائم قانونًا تصنيفها “مُخلة بالشرف”، بس مجتمعيًا مافيش الكلام ده.. الموظف المرتشي مجتمعيًا “مِفَتَح” أو “باشا” -على حسب تسعيرته- أما اللي ماقتلش أخته عشان بتحب فهو مجتمعيًا “معرص”، وتعالوا نفكر ونسأل اللي حوالينا، أيون نحن شعب شريف نرفض أي علاقة عاطفية بين أتنين خارج إطار الجواز.. بس بنمرر الرشوة عادي.
الكدب واحد من أهم ركائز مجتمعنا المصري، الشريف، إحنا عندنا مصطلح اسمه كدبة بيضة، ومن المتعارف عليه إننا بنكدب على بعض.. وده من أول العلاقات الشخصية والتجارية والسياسية وسائر المعاملات الحياتية بينا وبين بعض، كلنا بنقول أن الإنسان الصريح والدُغري عملة نادرة في البلد دي.. وده معناه أن الرايج في مجتمعنا الشريف هو الكدب.
الخيانة دي بقى بقت أسهل من صباح الخير، والأمثلة والمقولات الحديثة كلها تأكد ده..
(مافيش صاحب يتصاحب، وشوشت الودع مَلقتش صاحب جدع، يا بخت مِن صاحبه جدع، إلخ) وده لو دل على حاجة فهيدل على أن الغدر والخيانة هي السمة الغالبة بين الناس اللي بتنتج الكلام ده، أيوه.. همه نفس ذات المجتمع الشريف.
السرقة موضوع لو أتكلمنا فيه هنخرج بنتيجة واحد.. إحنا حرامية، أي حد بينسى أي حاجة في أي حتى يبقى البقاء لله فيها، طبعًا في نسبة بتلاقي حاجتها تاني.. وحصلت معايا شخصيًا، بس يقدر كل مواطن يعمل تقدير كده لنسبة إن الحاجة تتلاقى ونسبة إنها تتصادر ويشوف بنفسه، حجم الفساد في مؤسسات الدولة مش مجال الكام عنه هنا، التوظيف في حتة بقى بتسعيرة بناء على أنت منصبك ده هيسمحلك تنهب قد إيه، البياع الشاطر في مجتمعنا هو اللي يكيس الزبون، أو زي ما بيقولوا “يبيع البايرة ويحلي المعيوبة”، يعني الغشاش يا باشا.. يعني الغشاش يا هانم.. يعني الغشاش يا أستاذ.. يعني الغشاش يا سنيورة.. ده تعريف البياع الشاطر في مجتمعنا الشريف، مجتمع لو فيه الخير.. ماكنوش ربطوا الكوباية في الكولدير.
الله يرحمه توفيق الدقن، في فيلم أحبك يا حسن، جسد مجتمعنا.. وعلاقته بالشرف.
تعليقاتكم