في شارع الصحافة، بمنطقة وسط القاهرة، جلس مصطفى أمين بشهر مارس من العام 1986 م، ليتذكر وقائع مصرية غيرت التاريخ الحديث من منزلٍ تربى فيه وهو بيت الأمة، حيث كان خال والدته هو سعد زغلول.
كان ما يتذكره مصطفى أمين هو أحداث ثورة 9 مارس سنة 1919 م، والتي انهمك في التوثيق لها، منذ أن كلفه سعد زغلول بكتابة مذكرات يومية لما يحدث في بيت الأمة، بالإضافة إلى تلخيص لخطب سعد زغلول.
في عدد 25 مارس سنة 1986 م، كتب مصطفى أمين في عاموده «فكرة»، بجريدة الأخبار أن يتم تسمية أحد شوارع مصر على اسم مصطفى ماهر أمين، أول شهيد في ثورة 1919 م والذي رفضت مدرسته المدرسة السعيدية إحياء ذكراه بعد سنواتٍ من الاحتفاء به.
في سياق الفكرة فإن الشيء المُسْتَنْكَر هو أن لا يتم تذكر أول من سقط في ثورة 1919 م، لكن ما وقع فيه الصحفي الكبير مصطفى أمين، هو معلومة أول شهداء ثورة 1919 م من الطلبة.
أول دم أريق في ثورة 1919 م، كان يوم 10 مارس بشارع الدواوين ـ نوبار باشا حالياً ـ وحين رجع مؤرخ ثورة 1919 م، عبدالرحمن الرافعي إلى دفاتر قسم السيدة زينب، وجد أن في هذا اليوم سقط رجل وغلام لكن لم يستدل على هويتهما وكُتِب بجانب جثتيهما «مجهول».
أما أول شهيد من الشباب الطلبة فلم يكن مصطفى ماهر أمين كما قال «مصطفى أمين»، وإنما كان أول شهداء الطلاب هو محمد عزت البيومي، نجل المحامي الشرعي بالمنصورة، حيث استشهد في مظاهرة كوبري شبرا يوم الإثنين 11 مارس سنة 1919 م والتي واجهتها القوات الإنجليزية بالرصاص.
بينما الشهيد مصطفى ماهر أمين الذي تكلم عنه مصطفى أمين، فكان والده هو حافظ أمين مأمور مركز جرجا في سوهاج، يوم 21 مارس متأثراً بجراحه في مظاهرة المدرسة السعيدية التي تفرقت بالرصاص أمام الجامع الأزهر يوم 19 مارس عام 1919 م، وقد شُيّعت جنازته من مسجد شارع ممتاز في منطقة البغالة بالقلعة ودُفِن في منطقة زين العابدين بالسيدة زينب.
عن والده يذكر عبدالرحمن الرافعي في كتابه عن ثورة 1919 م، أنه بعد استشهاد ابنه وإحالته للمعاش عمل وكيلاً لتفتيش إحدى الدوائر الزراعية في السنبلاوين وعاش طيلة عمره يفتخر بنجله.
تعليقاتكم