قديمًا كاد يكون أمر شبه مستحيل أن يخرج شخص ويعمل في مهنة التصوير الفوتوغرافي في بلاد شبه الجزيرة العربية مثل “عبدالغفار المكي”، لسبب واحدٍ وهو أن المرجعية في ذلك الوقت كانت تحرم التصوير، فالمصور بالنسبة للوهابية وهم مرجع السعودية وقتها، يرتكب فعلًا حرامًا لدرجة أنهم رأوا المصور ملعوناً.
ربما نجح عبدالغفار المكي في الخروج من تلك المشكلة؛ لأنه نشأ في مكة وكان جيله لم ينتشر فيه الفكر الوهابي انتشاراً كبيراً، حيث أنه عمل في التصوير الفوتوغرافي خلال 1885 م و 1900 م.
معلومات قليلة جداً عن عبدالغفار المصوراتي، فالمصور المصور محمد صادق والذي كان أول من التقط صوراً فوتوغرافية لبلاد الحرمين في التاريخ، قال إن اسمه عبد الغفار بن عبد الرحمن بن عبد الغفار بغدادي، وكان يعمل بطب الأسنان والعيون بالإضافة إلى شهرته في مهنة صنع العطور، وصهر الذهب والفضة”.
كان للمستشرق الهولندي كريستيان سنوك دور كبير في مساعدة عبدالغفار في التقاط الصور الفوتوغرافية، ولعل السبب في ذلك كما قال سنوك “لا يتبع أي منهج علمي أو نظامي تجاه مواضيع صوره”.
يتيح أرشيف قطر الوطني تفاصيلاً عن أسلوب عبدالغفار في التصوير، حيث قال الأرشيف ” استخدم عبدالغفار للصور التي قام بإعدادها في الاستوديو الخاص به خلفيات وأدوات مُزيَّنة مماثلة للصور العثمانية السابقة، إلا أنها لم تعد واضحةً في الصور المنشورة في ١٨٨٨ و١٨٨٩ إذ أزالها سنوك هرخرونيه قبل نشرها خلال عملية الطباعة”.
لم يضيع تراث عبدالغفار المصورتي نتيجةً لجهد معراج نواب مرزا وعبدالله صالح شاووش، إذ أنهما جمعا كافة الصور في كتاب “الأطلس المصور لمكة المكرمة والمشاعر المقدسة”.
رأي آخر تذكره آنا كانبي مونك، مسئولة الفنون البصرية ومحررة المحتوى الرقمي في المكتبة البريطانية، حيث تشير إلى أن هناك تراثاً غير منشور لصور عبدالغفار، حيث قالت ” يتم الاحتفاظ بما تبقى من أعمال عبد الغفار الفوتوغرافية غير المنشورة، أو على الأقل التي تُنسب إليه بشكل مؤكد، في مكتبة جامعة لايدن في الأرشيف الخاص بسنوك هرخرونيه – وهي مدرجة مُجددًا باسم المُصوِّر الهولندي كريستيان سنوك، حيث التقط عبدالغفار المصوراتي 1880 صورة.
تعليقاتكم