صنعت السينما الأمريكية من مواقف بسيطة بطولات في الحرب العالمية الثانية لتجعل للأمة تاريخ حقيقي يستحق الفخر، بينما عجزت السينما المصرية عن صنع هذا، لدرجة أن الكثيرون لا يعرفون شيئاً عن أبطال حرب أكتوبر وماذا حدث في أخر انتصارات الجيش المصري، ولأني “المعلم” وأمس سمعت أحدهم يسخر على المقهى من الحرب بل ويصدق رواية العدو الصهيوني عن الإنتصار فيها قررت كتابة سلسلة عن نجوم مصر في كل المجالات، النجوم الحقيقيون الذين لم يسطعوا في الفن ولا الرياضة، وليكون “استفتاحنا” حولو كان لابد أن أبدأ بـ”عبدالعاطي” صائد الدبابات:
العبور
رقيب أول السرية هو أقدم شخص فيها عسكرياً بعد قائد السرية وقادة الفصائل والذين يكونون ضباطاً إلا أن هذا لم يمنع عبدالعاطي بأن يكون أول فرد في سريته يصعد الساتر الترابي، حيث كانت مهمة سريته تأمين الكوبري الذي فتحه سلاح المهندسين على قناة السويس لعبور القوات، كان حلم حياته الشخصي يتحقق في الثأر من هزيمة ٦٧، حينها تذكر قطعة الأرض التي تركها في قرية شيبة قش بمركز منيا القمح بمحافظة الشرقية، كان لأرض سيناء نفس الإحساس بل وحملت نفس الاشتياق لقدميه.
لم يكن يعلم أنه على وشك دخول التاريخ، كان وجهه الدائري الأسمر يبتسم بينما تداعب يديه سلاحه الذي يطلق الصاروخ “الهوك” على كتفه.
البداية
كان صاحب الـ ٢٣ عاماً والذي ولد عام ٥٠ قد التحق بسلاح الصاعقة لقضاء فترة تجنيده عام ٦٩ قبل أن ينتقل لسلاح المدفعية ليتخصص في الصواريخ المضادة للدبابات، وبالتحديد في الصاروخ “هوك” الذي كان وقتها من أحدث الصواريخ المضادة للدبابات التي وصلت للجيش المصري، وكان يصل مداه إلى 3 كيلومترات، وبعد أن تم اختياره لأول بيان عملي على هذا الصاروخ وتفوق والتحق بعدها بمدفعية الفرقة 16 مشاة بمنطقة بلبيس، التي كانت تدعم الفرقة بأكملها أثناء العمليات، وبعد عملية ناجحة لإطلاق الصاروخ تم تكليفه بالإشراف على أول طاقم صواريخ ضمن الأسلحة المضادة للدبابات في مشروع الرماية الذي حضره قيادات الجيش المصري بعدها تمت ترقيته إلى رتبة رقيب مجند.
لم يكن عبدالعاطي يقضي فترة تجنيده حالماً بانتهائها، بل حالما بحمل مجدها.
الحرب
يوم ٨ أكتوبر هو اليوم الأعظم في حياة محمد عبدالعاطي حيث يقول :سمعنا تحرك اللواء 190 مدرعات الإسرائيلية وبصحبته مجموعة من القوات الضاربة والاحتياطى الإسرائيلى، وعلى الفور قرر العميد عادل يسرى الدفع بأربع قوات من القناصة وكنت أول صفوف هذه القوات، وبعد ذلك فوجئنا بأننا محاصرون تمامًا، فنزلنا إلى منخفض تحيط به المرتفعات من كل جانب، ولم يكن أمامنا سوى النصر أو الاستسلام ونصبنا صواريخنا على أقصى زاوية ارتفاع، وأطلقت أول صاروخ مضاد للدبابات وأصابها فعلا وبعد ذلك توالى زملائى فى ضرب الدبابات واحدة تلو الأخرى، حتى دمرنا كل مدرعات اللواء 190 عدًا 16 دبابة تقريبًا حاولت الهرب، فلم تنجح وأصيب الإسرائيليون بالجنون والذهول وحاولت مجنزرة إسرائيلية بها قوات كوماندوز الالتفاف وتدمير مواقع جنودنا إلا أننى تلقفتها ودمرتها بمن فيها وفى نهاية اليوم بلغت حصيلة ما دمرته عند العدو 27 دبابة و3 مجنزرات إسرائيلية.
يتحدث البطل ببساطة عن معجزة عسكرية، هكذا هم الأساطير فقط.
النهاية
دمر عبدالعاطي وحده 30 دبابة ومدرعة إسرائيلية ليطلق عليه الجيش لقب “صائد الدبابات” ويحصل على نجمة سيناء بعد غير تكتيكياً طريقة استخدام الصواريخ الهوك حيث كان يسمح للفرد بحمل صاروخين للاستخدام بينما كان يحمل بالأربعة صواريخ يزرعها بين قدميه حتى لا يسمح للدبابات بالفرار من مصيدته.
رحل عنا يوم 9 ديسمبر عام 2001 بعد أن عمل مهندشاً زراعياً بعد انتهاء خدمته في القوات المسلحة ليتوقف عن زرع الصواريخ بتعمير أرض مصر.
تعليقاتكم