وأنا صغيرة كنت أعتقد أن كل شيء زمان كان أبيض وأسود في الواقع وليس فقط في الأفلام، وبناء على ذلك كانوا يرتدون فقط الأبيض والأسود في الواقع ولا يعرفوا ألوان أخرى، وأن الخروجات كانت فقط في الحدائق والمطاعم والأشخاص كانوا يتحدثون مثل عبد الوهاب في فيلم الوردة البيضاء بهذا البطء الشديد.
رغم أنني الآن أضحك كلما تذكرت نفسي وأنا أتخيل أجدادي وهم يفعلون كل شيء ببطئ، إلا أن هناك شيء من الحقيقة في هذا التخيل الطفولي، فالأشخاص بالتأكيد كانوا يرتدون ألوان ولكن هذا لا يمنع أنهم كانوا أكثر هدوء ورقي ومجاملة-وبيقولوا يا نينا- وأكبر دليل على هدوء ناس زمان هي أماكن الخرج الخاصة بهم، فحتى عندما يحتوي فيلم على مشهد أشخاص داخل (ملهى ليلي) نشاهد عائلات وألحان هادئة، وكذلك كان الملهى الليلي مكان للمواعدة الغرامية! ولذلك فكرة في عقد مقارنة بسيطة بين أماكن التواعد الغرامي في الماضي، وأماكن(تظبيط) الحاضر.
1- خروجات المشي على الكورنيش
الكورنيش كان (الخروجة) الرومانسية بين الأحباب زمان، وكان الأختيار الأول في أماكن المواعدة حيث مشهد النيل والهواء والهدوء-طبعاً ده كان زمان- كما ظهر في عدد من الافلام القديمة أنه أيضاً الطريقة لإنهاء أي علاقة أو رفض موعد كما حدث في فيلم موعد غرامي، عندما طلب عبد الحليم موعد من فاتن حمامة فاختارت مكان المقابلة كوبري قصر النيل الساعه 2 ظهراً.
وللأسف الأن لم يعد الكورنيش مكان للمواعدة الغرامية أو حتى مكان أمن للفتيات بشكل عام، وإذا فكر شاب في مواعدة فتاة على كوبري قصر النيل ولم يأتي في الموعد المحدد بالتأكيد لن تنتظره، وذلك بسبب التحرشات والمضايقات التي تتعرض لها من الدقيقة الأولى.
2- خروجات المطاعم والكازينو
أولاً أحب أن أنوه أن كلمة كازينو اختفت تقريباً من على لوحات المطاعم المطله على النيل، وتم استبدالها بكلمات (كافية أو مطعم) وكلمة (كازينو) أصبحت المسمى للملاهي اليلية فقط، كما أنها لم تعد الخروجة الرومانسية التي كنا نشاهدها في أفلام الأبيض والأسود، فإذا فكر الأحباب الإمساك بيد بعضهم فسيجدوا أنظار كل المحيطين بهم تراقبهم باستياء، ولم يكتفوا بذلك فإذا لا سمح الله تطور الأمر وقبل أحدهم الأخر سيدخل الأمر في نطاق جرائم الشرف!
ولكن في الماضي-لما كانوا الناس شيك- كانت هناك حالة من الخصوصية كبيرة ومن المستحيل أن يعتدي أحد على المساحة الشخصية لأخر.. يلا أيام.
3- خروجات السينما
هذا النوع من الخروجات فقط الذي تبدل فيه الحال بشكل ما، ففي الماضي كانت تذهب السيدات بكل أناقة مع حبيبها أو زوجها إلى السينما بغرض الترفيه ومشاهدة الأفلام فقط، ولكن للأسف وبسبب الكبت المجتمع وإدعاء الأخلاق الذي نعيشه اليوم أصبحت السينما تصنف بحسب سعر التذكرة، حيث أن هناك بعض سينمات الدرجة الثانية والثالثة في مصر يذهب إليها بعض الأشخاص بهدف التصرف بحرية دون أن يراه أحد فقط وليس لمشاهدت الأفلام، كما أصبحت السينما في الأعياد والمناسبات جهنم بالنسبة للفتيات اللاتي لن يسلمن من التحرش والإعتداء الجسدي.
4- خروجات الملاهي الليلية
اعتقد إذا تجرأ شاب وعرض على حبيبته أن تسهر معه في ملهى ليلي الأن سيكون هذا سبب كافي لإنهاء هذه العلاقة دون تردد، وذلك بسبب ما وصلت إليه الملاهي الليلة الأن من حالة تدني أخلاقي وانحطاط ومتاجرة بأجساد النساء، ولكن في الماضي كان الأمر طبيعي أن يقوم شاب بمواعدة فتاة للسهر وتناول العشاء في ملهى ليلي، حيث يشاهدوا عدد من الفقرات الترفيهية المنوعة بين الرقص الشرقي-رقص بجد- على مقطوعات موسيقية، وبعد ذلك يستمعن إلى مطرب ومونولوجست، وبعد ذلك يأتي المشهد الشهير(تسمحيلي بالرقصة دي) ويقوم الحضور بالرقص في حالة من البهجة ليس لها أي علاقة بالتدني الذي يوجد الأن
تعليقاتكم