“جميل وأسمر وطبعه عنيد أقربله يروح لبعيد” الجملة التي غناها محمد قنديل ضمن أغنية “جميل وأسمر” لم يدرك قنديل وقتها انه يحمل رسالة غرام من عاشق لمعشوقته المستحيلة، العاشق هنا هو ضابط الجيش وأحد الضباط الأحرار والشاعر الغنائي عبدالمنعم السباعي بينما المعشوقة هنا هي السمراء الجميلة دائما أبدا مديحة يسري.
بين عبدالمنعم السباعي ومديحة يسري قصة غرام غريبة الشكل، الضابط الشاعر وقع في غرام الفاتنة السمراء، فظل يؤلف فيها الأغاني ويعطيها للمطربين، فهو أفضل من كتب عن السمر في الغناء المصري، لان معشوقته السمراء كانت لا تبادله ذلك الغرام، فكان حبه بدون أمل.
الاستحالة في إتمام قصة العشق تلك كانت بسبب زواج مديحة يسري من محمد فوزي، فكان عبدالمنعم السباعي يعشقه رغم إنها سيدة متزوجه، فلا حيلة لنا في مشاعرنا وقلوبنا، ولم يكن أمامه سوى الأغاني لتحمل أشواقه وغرامه لمعشوقته الحسناء، ليختار لها افضل واعذب الأصوات في تاريخ مصر لتحمل لها حبه ولكن هيهات.
150 أغنية حملت اسم عبدالمنعم السباعي، يا تري كم عدد الأغاني التي كتبت في مديحة يسري وحدها؟ الحقيقة انه لا حصر لتلك الأغاني ربما أغلبها أيضا كتب في مديحة يسري، حتى أغنية أروح لمين التي غنتها كوكب الشرق أم كلثوم كانت مكتوبه لمديحة يسري، لدرجة أن أم كلثوم حينما قابلت مديحة يسري قالت لها ما تشوفي الراجل اللي بيحبك ده، لتجيب مديحة اعمله ايه يعني أنا متجوزة.
عبدالمنعم السباعي عن محافظة الغربية وخريج الكلية الحربية، التحق بتنظيم الضباط الأحرار بعد نشأته، وكان احد رجاله ثورة يوليو، ورغم انشغاله بعمله كضابط جيش لم يترك كتابة الأغاني قط، بل تخطى كتابة الأغاني وكتب ثلاثة مسلسلات إذاعية وهم ” سمارة وعفريت سمارة وأمارة بنت سمارة” كما كتب أيضا ثلاثة أفلام سينمائية وهو إسماعيل يس في الجيش وسمارة وطريق الأبطال، كما صدر له مجموعة قصصية تحت عنوان كؤوس الشقاء.
السباعي لم يكن بعيدا عن وسط الكتابة والصحافة قبل ثورة يوليو بل كان يكتب في مجلة روز اليوسف منذ عام 1948، وبعد قيام الثورة اصبح مشرفا على الإذاعة ثم انتقل لجريدة الجمهورية وظل يعمل بها حتى وفاته.
ربما تتجلي أقصى درجات حبه وعذابه في هذا الحب حينما كتب أغنية انا والعذاب وهواك التي لحنها وغناها محمد عبدالوهاب والذي يسأل فيها سؤاله الأهم ” أخرتها ايه وياك ياللي انت ناسينا؟”.
في النصف الأول من الستينات حصل صدام بين عبدالمنعم السباعي وبين عدد من رجال الضباط الأحرار ويقال أن الصدام كان بينه وبين عبدالحكيم عامر شخصيا ومن وقتها تحول السباعي إلى شخص مغضوب عليه من النظام ويقال انه اكتفى بالعمل في جريدة الجمهورية واعتزل العمل الفني حتى وفاته في 1978 وكان عمره وقتها يقترب من الـ60 عاما.
تعليقاتكم