عدت من القاهرة، قبل ان اريح جسدي قابلتني أمي بحسم شديد:”روح لجدتك، كل مره تيجي ومبتروحش لحد، سألت عليك كذا مرة؟

ولأنني شخص غير اجتماعي، لا أجيد تلك الامور، ذهبت على مضض”رحت مأخر رجل ومقدم رجل”، لكني ندمت، بعدما قابتلني جدتي بترحاب شديد، واغرتني ببعض الحلويات والمأكولات التي افتقد رائحتها في القاهرة “معدتش نشفت من أكل الشوارع ياجدة” ردت:”م انت خايب معرفش تشوفلك عروسة حلوة من بنات البندر، تطبخلها ولا تطبخلك، المهم ريحة الطبيخ تملا البيت”

جلست بجوارها، وهي تتمتم بالتسابيح على مسبحتها الخشب “ايه ياجدة، لسه السبحة دي قاعدة معاكي، لحد دلوقتي؟” ردت: هو انت فاكر العشرة بالساهل، بيني وبين السبحة عشرة زي البني آدمين يا وليدي.

اخرجت “الموبايل” من جيبي، بعدما جاءت جدتي بالشاي، اقلب على صفحتي على “الفيس بوك”.

جدتي: بتعمل ايه، هو انت جاي تقعد معايا ولا مع تلفونك؟  رددت: لا ياجدة جايلك انتي طبعًا، انتي البركة

– طب وريني عتعمل ايه؟

بقرأ بوست كدا عن “النسوية” ياجدة؟

– نسوية، ايه دي، اوعى تكون رحت في سكة النسوان يا وليدي؟

لا ياجدة ابدًا، دي حاجه كدا ، زي جماعة من الستات بتدافع عن حقوق الستات وتجبلهم حقوقهم

–  شوف ياوليدي، انا م يوم م تجوزت جدك، مدورتش على حد يجبلي حقي، عايشه معاه معززه مكرمه، ولا عمره داس لي على طرف، حتى لما الدنيا كانت تيجي عليه، ويزعقوا زعقتين في وشي، كنت بعدي، م هو البني آدم يعني، يموت م القهر لو مزعقش، فكنت بعدي، وارجع اقوله: مالك ياخويا؟ في حاجه صابتك، معزور في فلوس، في حاجه في شغلك؟ متشاكل بره مع حد؟، مره يحكي ومره م يحكيش، بس يرجع في ساعة صفا ويحكيلي، واهو الدنيا تهون بعدها، انما لسه سامعه “دكة النهار” بنت “ام عطيات” خاربه الدنيا على جوزها ، ودايره كل شوية على وحده تحكيلها، ده جوزي بيعملي ويسويلي، سر البيت م يطلعش مهما كان، مش عاجبك يبقى بالستر والاصول، قوليله مش عاوزاك؟ وقتها محدش هيقدر يجبرك على القعاد معاه، متعرفش ايه اللى جرى للناس يا ضنايا؟ ايه اللى صابهم؟ اومال لو عشتوا ايام زمان؟ كنت قتلتوا بعض!

قاطعتها: ياجدة ايامكم مكانتش صعبة كده، احنا دايرين في ساقية ياجدة وظروفنا اصعب، ده انتو تجوزتوا بغطا حلة انتي وجدي.

ضحكت قبل ان ترد، ومالها الحلة يابن الكلب، اهي الحلة دي، سبب في عشرة بيني وبني راجل، صوته بالدنيا، صندوق الهدوم اللى تجوزنا بيه، والاوضة، كبروا اهم، واديك قاعد في بيت خمس ادوار، الرك على حسن العشرة يا وليدي، اهو عتتجوزوا بآلافات وفلوس ملهاش اول ولاآخر ومعتمروش مع بعض في الآخر، عتبصوا على الفاضي، وتسيبوا المليان، جدك عمره م كسر بخاطري، كان يدخل عليا بمترين قماش، ويضحك في وشي”خدي فصلي جلابية”، ومكانش يختار إلا الالوان الفاتحه، اشي قماش مشجر، واحمر، والوان، م هو جدك كان لي نظره لما تجوزني، كنت بت يحلفوا بحلاوتها، مكانش يجبلي، الا الهدمه اللى ابان فيها قمره. وجاي تقولي”نسرية، ولا نسوية، بتاعتكم دي” م هو لو في عمار بينكم مكانش يبقى اللي عتقوله ده.

يعني يا جدة، على ايامكم مكانش فيه ستات الرجالة بتيجي عليها، ومتلاقيش حد جنبها يجبلها حقها؟

– الدنيا فيها وفيها يا وليدي، بس م هو كل م حد يتعرك مع حد، يروحوا يعملوا شلة مع بعضهم ضد التانين، الناس هتتفرق، ولا حد هيحل ولاحد هيربط، والناس هتتمزع على ميت حته، الستات زعلانين من الرجالة يعني، يقعدوا معاهم، يتفاهموا، انما دول في ناحية، ودول في ناحية، اومال هتيعشوا ازاي مع بعض، وانتو ضد بعض، قربوا من بعضيكم، شوفوا مين مزعل مين، وحلوا مشاكلكم، يوه لما الستات تعمل حزب ضد الرجالة، والرجالة تعمل حزب ضد الستات، هتتجوزا بعض ازي ياولاد الكلب، هتحبوا بعض ازاي، عتجيبوا وقت منين للمناهدة دي يا وليدي.

قاطعت جدتي، قولتلها شوفي البوست ده ياجدة يهلك م الضحك: قشر الاندبندت وكل الملبن؟

– ملبن ايه، وانتبتبت ايه ياضنايا؟

م هو ياجدة دول الستات القوية، اللى بيعتمدوا على نفسهم، بيكونوا اقوياء، فاحنا هنقشر القوة دي وناكل الملبن اللى جوا

يوه، والنبي م انا فاهمه حاجه منك، روشتني معاك، وباينلوا مفيش فايدة فيكم، خلاصة القول يا وليدي، الراجل لازمه ست، والست لازمها راجل، المهم حسن العشرة بينهم، هي تصونه وهو يصونها، غير كدا انا مفهماشي من الوش بتاعك ده.

-ياجدة الدنيا تغيرت وتعقدت عن الاول وعن زمانكم؟

يعني جاي تغيرلي انت، عشرة 70سنة في عمري، احنا بني آدمين، والناس هي الناس، اللى كانوا عاوزينه من ميت سنه، هيعوزه دلوقتي، عاوزين ايه، غير الستر والمعامله الحلوه، الحاجات التانيه، اكل العيش والمال، دي بتاعة ربنا، والنبي آدمين تقدر تهون ده على بعضيها، ومتخلش حد يخربطلك مخك.

– مش فهماني ياجدة انتي؟

قوم ياض من جنبي، فيش فايدة فيكم، جيل معفرت من يومه، اللي عندي قولتله، متقلبش دماغي، وابقى تعالى طل عليا الاجازة الجايا، متبقاش جافي يابن الكلب.