عفوا عزيزي القاريء هذه ليست إهانة لبيتر ميمي مخرج وكاتب فيلم حرب كرموز بل هي العبارة التي استخدمها على لسان بطله محمود حميدة للسخرية والامتعاض والغضب لأننا لو تفرغنا فقط لسرد أخطاء الفيلم ربما نحتاج لكراسة ٢٨ صفحة مسطر .
وتتنوع الأخطاء ما بين أخطاء تاريخية – على سبيل المثال ثورة زوجة القتيل البريطاني على ملك البلاد خلال جنازته وذكر الضابط وقسمه للملكة بعد ذلك لا يعرف المخرج من يحكم انجلترا الملك أم الملكة – ، وأخطاء درامية مثل أن الضابط خريج عام ١٩٣٥ كما هو مكتوب في ملفه ويبدو مدهشا أن يحمل رتبة بكباشي – مقدم – قبل منتصف الأربعينيات، وأخطاء تقنية مثل تفجير دبابة بقنبلة يدوية وأخطاء كاستنج مثل أن نتخيل أن مصطفى خاطر بكرشه قادر على القفز بين أسطح البيوت.
عفوا مرة أخرى عزيزي القاريْ ستلتهمنا الأخطاء ونغرق فيها وننسى الكتابة عن الفيلم ذاته، من أخبر بيتر ميمي أن هناك لواء في الجيش الإنجليزي قادر على صفع ضابط بالقلم على وجهه – عفوا هذا خطأ جديد سأصمت -.
يقول المخرج بيتر ميمي بفخر شديد انه شاهد ١٥ ساعة أفلام وثائقية عن الحرب العالمية الثانية ليكتب الفيلم ربما لأنه لا يعلم أن عليه أن يشاهد نفس عدد الساعات من أجل كتابة مشهد واحد لا فيلم بأكمله، وأنه من الأكثر انصافا أن يتوقف عن الكتابة طالما يعجز عن البحث فمن غير اللائق أن يوفر المنتج محمد السبكي كل تلك الإمكانيات الرائعة والتوظيف الجيد للملابس والديكورات والتصميمات لتنتهي في النهاية على يد كاتب ومخرج رفض أن يتغير شكل شعر بطلاته تحت المطر وضرب النيران.
المشكلة في حرب كرموز أننا أمام لا فيلم، مخرج اعتاد نقل كادرات بعينها من أفلام أجنبية بعد تمصيرها يقوم بعملية قص ولزق لأكبر كمية ممكنة من مشاهد الفرقعة والضر بل ودمج لمطاردة سيارات غير منطقية فقط من أجل صناعة فيلم أكشن على الطراز الهوليوودي.
ليس مبررا أن تبقى فتاة وحدها على قارب في منتصف الليل، ولا مبرر أن يختفي والدها شيخ الصيادين، وليس مبررا أن تبقى مصر بلا مديرية أمن في الاسكندرية ولا وزارة داخلية ويتلقى الضباط أوامرهم من عضو برلمان وجنرال انجليزي.
هل تعلم عزيزي بيتر ميمي أن قتل مدني بعد معاهدة ٣٦ في مظاهرة قد يطيح برئيس الوزراء الانجليزي نفسه لا الجنرال أدم فرانك – ناهيك عن الأسماء المستخدمة وسذاجتها مثل جيمس ومارك وبيتر –
عدت مرة أخرى للأخطاء ولكن ماذا أفعل أمام لا فيلم استخدم كل الكليشيهات السينمائية المعلبة تاريخيا لصناعة حبكة مفضوحة دراميا واخراجيا لدرجة أنني حتى الأن لم أناقش مشاكل زوايا الكادرات واستخدام الطائرات الدرونز عند المخرج الشاب، ربما لأنني لم ارتد عوينات – نظارة – مثل التي ارتداها البكباشي حمزة دون أي مبرر درامي سوى مكتبة ضخمة اختارها بيتر ميمي لتزين أحد مشاهد الفيلم والذي يلتقي فيه أمير كرارة بفتحي عبد الوهاب .
عفوا عزيزي القاريء لم أتناول بالتحليل الأداء عديم الإحساس لأغلب نجوم الفيلم ربما لأن الصورة في النهاية طلعت حلوة لكنك ستغادر قاعة السينما لتنسى بعد دقائق ما شاهدته .. كأننا وقعنا في غرام امرأة جميلة بلهاء
عزيزي بيتر ميمي .. أمك صاحبتي
تعليقاتكم