في تاريخ حروب الصليبيين لا يمكن إغفال دور مصر وخاصةً المنصورة بمعارك التحرير منذ توحدها مع بلاد الشام، بالإضافة لنجاحها في هزيمة الحملة الصليبية الخامسة بقيادة حنا برين في عصر السلطان العادل، لكن لم تُشْتَهر أي حملة صليبية في مصر مثل شهرة الحملة الصليبية السابعة.
المعروف في الحروب الصليبية أن الهزائم تأتي عن طريق الخيانة أو السيف، لكن أن يكون البطيخ سبباً وعاملاً في هزيمة الصليبيين فتلك من أعجوبة أعاجيب التاريخ المصري.
تحركت الحملة الصليبية السابعة نحو مصر بقيادة لويس التاسع نفسه، وكانت أكثر تنظيما، وأوفر عدة وعتادا من سابقتها، ووصلت الحملة إلى شواطئ مصر في ظروف حرجة والسلطان الصالح نجم الدين أيوب يعاني من مرض السل الذي اشتد به، حتى أصبح ملازمًا لفراشه.
رغم خطورة المرض لم يستسلم الصالح نجم الدين أيوب للمرض، بل رجع مسرعًا من دمشق إلى مصر، فأقام بعض التحصينات في الصالحية ودمياط وشحنهما بالجند، وعسكر هو عند أشموم طناح القريبة من دمياط.
نجح لويس التاسع في الاستيلاء على دمياط ونواحيها، ثم قرر التوجه جنوباً إلى المنصورة وكان يظن أن اقتحامها سهلاً، ولم يكن يدري أن المصريين اخترعوا طريقة جديدة لهزيمة الصليبيين.
يحكي ابن تغري بردي، أن جموع المصريين في المنصورة ألقوا كميات كبيرة من البطيخ في الماء وجرفها التيار حتى شاطئ المعسكر الفرنسي، وبدورهم تذوقوها وأحبوا طعهما.
عقب يومين من تلك الحادثة، اعتاد الفرنسيين على تيار المجرى المائي الذي يحمل كميات البطيخ، فظهرت كبيرة متناثرة عبر المياه بالقرب من شاطئ القوات الفرنسية، فبدأوا بالاستعداد من أجل أخذها.
المفاجأة كانت تنتظر الفرنسيين، فالبطيخ هذه المرة ليس فاكهةً وإنما أغطية لرؤوس بعض الفدائيين الذين اختبأوا تحت المياه بعد أن أفرغوا البطيخ من محتواه واستخدموا قشرته الدائرية كغطاء لرؤوس الفدائيين المصريين، الذي قرروا قتل جنود الحملة الصليبية.
بدأ الفدائيون يخطفون كل جندي فرنسي ينزل إلى المياه لالتقاط حبات البطيخ، وحملوهم أسرى لمعسكرات المصريين، ولم ينتبه الفرنسيون لتلك الفكرة الغريبة إلا بعد اختطاف عدد كبير من الجنود ما أثر على معنوياتهم بالسلب، وانتهت المعركة بهزيمة الجيش الفرنسي، وأسر الملك لويس التاسع نفسه وحبسه في دار ابن لقمان بمدينة المنصورة.
تعليقاتكم