قوم يا شيخ العرب همام ** وإسعى وروح سنار ـ جنوب الخرطوم بالسودان ـ
وإزرع وقوت عيالك ** فرشوط قادت عليك نار
بهذا الموال نعى كل الصعيد سنة 1769 م، شيخ العرب همام والذي مات حزناً بعد هزيمته أمام قوات المماليك بقيادة علي بك الكبير.
زمن شيخ العرب همام، كانت مصر سياسياً منقسمةً في أحوالها جنوباً وشمالاً، فالصعيد تولى إمارته شيخ العرب همام والذي أراد تأسيس دولة همامية في الصعيد، بينما في الشمال يسعى علي بك الكبير لمنصب شيخ البلد، حتى يستقل بحكم مصر من الدولة العثمانية ويرجعها مملوكية كما كانت أيام أسلافه.
للرجلين آباء روحيين، حيث أن شيخ العرب همام يأخذ من سيرة الأمير حصن الدين بن ثعلب قدوة، بصفته قائد ثورة 1253 م ضد المماليك والتي انتهت باستقلال الصعيد سياسياً مع بقاء التبيعة للمماليك في الضرائب، وصار تاريخه أيقونة كبيرة، وأراد شيخ العرب همام أن يؤسس دولة ويحول الصعيد من مجرد حنفية ضرائب إلى دولة مستقلة بذاتها السياسي والاقتصادي.
أما علي بك الكبير فهو متأثر بسيرة قنصوة الغوري وطومان باي اللذين قُتِلا على يد سليم الأول العثماني في سوريا والريدانية ـ العباسية الآن ـ، وانتهت دولة المماليك الذي أسسها سيف الدين قطز.
العنصر المشترك بين الرجلين هو “الكره”، نظراً لأن الصعايدة كان لهم أصل ونسب يتباهون به على المماليك الذين لا يوجد أصل لهم، وبالتالي كان الصدام واقعاً بين الرجلين خاصةً بعد أن تصدر علي بك الكبير منصب شيخ البلد سنة 1760 م، وأزاح كل أعداءه وأعلن دولته نهائياً سنة 1767 م.
في نفس عام سيطرة علي بك الكبير على حكم مصر، كان شيخ العرب همام قد نجح بالفعل في توحيد كل الصعيد تحت إمرته من المنيا إلى أسوان وشكل قوة عسكرية كبيرة من الهوارة والمماليك الذين هزمهم علي بك الكبر.
وقع الصدام المتوقع بين الصعايدة وصعيد شيخ العرب همام سنة 1769 م في أسيوط، وانتهت المعركة بهزيمة ساحقة لشيخ العرب همام بسبب خيانة بن عمه الشيخ أبو عبدالله إسماعيل، ومات شيخ العرب همام حزناً في 7 ديسمبر سنة 1769 م.
لم تفارق المأساة عائلة شيخ العرب همام، فقد ترك 3 أولاد هم درويش وشاهين وعبدالكريم، فأما درويش تولى حكم أسيوط، لكنه تجبر وأخذ أموالاً من رعايا أبيه، الأمر الذي جعل علي بك الكبير يعزله وينفيه من الصعيد ويموت في القاهرة.
أما شقيقاه شاهين وعبدالكريم فعملا بالزراعة في أراضي الوقف، حتى حانت نهايتهما فكانت نهاية شاهين بالقتل على يد مراد بك زمن الحملة الفرنسية، بينما عبدالكريم مات فقيراً.
تعليقاتكم