تغير الوضع العسكري للدولة الأيوبية مع عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب، حيث ساهم في إدخال تشكيلات جديدة على القوة العسكرية التي كان يتكون منها جيش السلطان الأيوبي عُرِفت لاحقاً بـ “المماليك”، حيث اتخذ عدداً من الإجراءات العسكري لتقوية الجيش الذي كان يترأسه، ومن أهمها إهتمامه الكبير بشراء المماليك والغلمان الأتراك بشكل لم يسبق له نظير في تاريخ السلطة الأيوبية.
تحولت الكتلة البشرية التي اشتراها الصالح نجم الدين أيوب إلى قوة العسكرية من مماليكه باسم الصالحية نسبة إلى الملك الصالح أيوب نفسه، واتسموا بالشكل الحسن والشجاعة النادرة، فضلاً عن الولاء للسلطان ولعبهم الدول الأهم في معركة المنصورة وبذلك تشكلت نواة المماليك الذين حكموا مصر بعد الدولة الأيوبية.
اتخذ الملك الصالح أيوب لمماليكه قاعدة في جزيرة الروضة تعرف قلعة الجزيرة أو قلعة الروضة، وجعلها مقراً لهم وشرع في حفر الأساس وبنائها بين عامي 1239م و1240م، ولتطوير هذه الثكنات هدم الكثير من الدور والقصور والمساجد التي كانت في الجزيرة وأدخلت في نطاق القلعة مشيداً فيها مبانٍ كثيرة منها ستين برجاً وأقام بها مسجداً وحدائق، ثم عززها بالسلاح وآلات الحرب وما تحتاج من الأقوات، وكانت لغة المماليك هي التركية المهجنة بالفارسية والعربية، ومع ذلك فكثير من المماليك أتقنوا اللغة العربية وصاروا أعلاماً في الفصاحة.
في بدايات عهد المماليك نشأت أقوى الروابط التي ميزتهم وهي رابطة الأستاذية، التي نشأت بين الأستاذ ومماليكه الذين اشتراهم وأشرف على تربيتهم وتدريبهم، كما كان يوليهم عناية كاملة، بل إن الأستاذ كان يتناول طعامه مع مماليكه ويحرص على مجالستهم وزيادة أواصر العلاقة بينه وبينهم لكي يضمن ولاءهم وكان الملك المنصور قلاوون يخرج في غالب أوقاته إلى الرحبة عند استحقاق حضور الطعام للمماليك ويأمر بعرضه عليهم ويتفقد لحمهم ويختبر طعامهم في جودته ورداءته، فإن رأى فيه عيباً اشتد على المشرف والاستادار، ونهرهما، وحلَّ بهما أي مكروه .
بعد كل هذه المراحل تشكلت دولة المماليك لتصبح أقوى الإمارات الإسلامية التي قامت في مصر خلال أواخر العصر العباسي الثالث، وامتدت حدودها لاحقا لتشمل الشام والحجاز، ودام ملكها منذ سقوط الدولة الأيوبية سنة 1250م، حتى بلغت الدولة العثمانية ذروة قوتها وضم السلطان سليم الأول الديار الشامية والمصرية إلى دولته بعد هزيمتهم في معركة الريدانية سنة 1517م.
تعليقاتكم