أن تغادر القاهرة إلى أوروبا وعمرك ١٧ عاما تخوض خلالها غمار الاحتراف بين بلجيكا وهولندا وايطاليا وفرنسا واسبانيا وانجلترا ومصر مرة أخرى ثم تعتزل وعمرك ٣٠ عاما فلابد أنك مجنون.
هذا ما فعله أحمد حسام ميدو في مسيرته لكنه لم يكن مجنونا، فقط كان حقيقيا بما يكفي ليدرك أصول اللعبة، كان فقط الشاب الذي غادر مرسيليا في السر يوما ما من أجل لقاء والدته وتناول المحشي يدرك جيدا أن الحياة قصيرة وأنه خلق ليستمتع بها لا يبقى عبدا في دائرة لا يطيقها من مثله.
غادر ميدو الملعب ليجد نفسه خارجه.
في أزمة تسريب أون تي في سبورت الشهير لميدو وحازم امام ومجدي عبد الغني تراجع الجميع إلا ميدو وحده، وقف ليخبر الجميع أن ما استنكروه هو ذاته ما يفعلونه في جلساتهم الخاصة ولم يجروء أحدهم على تكذيبه، كان حقيقيا صادقا فتراجع الجميع في خجل.
يقولون بعد حلقته مع أبلة فاهيتا أنه كان جريئأً للغاية، لكن ومنذ متى كان ميدو خجولا، هو رجل ليس لديه ما يخشاه في زمن يجعل البعض من المتحرشين أيقونة، هو ذاته الزوج “الجدع” العاشق الحقيقي الذي ارتبط بزوجته قبل سنوات وبقى فخورا بحبها رغم أفات المجتمع.
ربما لا يحمل أحمد حسام ميدو أمراض مجتمع غادره في سن المراهقة لكنه عندما عاد إليه لم يميل ليكسب جمهورا وظل بشخصه قويا قادرا على مواجهته لأنه حقيقي.
هناك كلمة بليغة للغاية في اللغة العامية هي “عينه مش مكسورة” .. هذا الوصف الأمثل لأحمد حسام، اللاعب الذي صرخت هاتفا باسمه عندما أحرز الهدف الشهير في مرمى السنغال في نهاية التسعينيات والذي لم يخجل في أن يخبرنا بأن الجنرال محمود الجوهري صفعه على وجهه، ليس لدى ميدو ما يخجله، ليس لأنه أفضل محلل عربي لكرة القدم، لكن لأنه يفعل كل شيء في النور
ميدو الذي نجح مدربا فحاربوه فترك التدريب لأنه لا يملك مقوماته الخسيسة في مصر ويملك من عزة النفس والتي تجعله يواجه كل الراغبين في التدخل أيا كانوا.
ميدو الذي غادر بين سبورت بعد مشكلة مصر وقطر وعاد إليها ليحلل كأس العالم، ميدو الرياضي المصري الوحيد القادر على أن يقول للغولة أن عينها حمراء، لهذا كان بجوار محمد صلاح في أزمته الأخيرة، ميدو أنضف شخصية في الوسط الرياضي في مصر.
أحترم شجاعتك وحريتك كثيرا
تعليقاتكم