اعتبره كثيرون هو أبرز من ساهم في تطور الطب ربما قبل أوروبا نفسه، فلقد كان بن النفيس هو مكتشف الدورة الدموية الصغرى، ورغم باعه في الطب لكنه تخصص في مجالات أخرى كالفقه والحديث واللغة والتاريخ.
قصته كما جاءت في موسوعة المعارف البريطانية، أنه طبيبي دمشقي، اسمه أبو الحسن علاء الدين علي بن أبي الحزم المعروف بابن النفيس سنة 1213 م، نشأ بدمشق وتعلم الطب على يد بارزين من أطبائها، لعل أبرزهم مهذب الدين الدمشقي صاحب مدرسة الدخوارية الطبية في دمشق.
بعد المرحلة الشامية انتقل بن النفيس إلى المحطة المصرية، حيث سكن القاهرة وأصبح عميد البيمارستان الناصري، المعروف الآن بـ “مستشفى قلاوون حاليًا”، وحظي بن النفيس باحترام الأطباء والحكام والأمراء في مصر.
كان “ابن النفيس” مستقلاً في التفكير والرأي ويعارض الآراء الطبية الخاصة بجالنيوس وبن سينا ، ويدلل على ذلك ملاحظاته وخبراته التي تقول أن الدم ينساب من البطين الأيمن إلى الرئة، حيث يمتزج بالهواء ثم إلى البطين الأيسر وهي الدورة التي نسميها اليوم بالدورة الدموية الصغرى، وربما كان السيء في بن النفيس اغتراره بنفسه، حيث كان يعشق الكتب التي ألفها لدرجة جعلته يقول “لو لم أعلم أن تصانيفي تبقى بعدي عشرة آلاف سنة ما وضعتها”.
كتب بن النفيس مؤلفات عديدة في الطب، منها “شرح تشريح القانون” والذي انتقد فيه كلام بن سينا الطب، ووفق أبحاث علماء بغداد فقد ظل هذا الكتاب مغموراً في المكتبات إلى أن عثر عليه الطبيب المصري الدكتور محي الدين التطاوي سنة 1924 في مكتبة برلين، وقام بدراسته في رسالة لنيل دكتوراه من جامعة فريبورج بألمانيا.
كان بن النفيس يطمح في تأليف كتاب اسمه “الشامل في الصناعة الطبية”، وكان ينوي فيها أن تصل إلى 300 مجلد ، كل مجلد يتناول موضوعًا بذاته وخلال ثلاثين سنة قام بإتمام ثمانين مجلدًا من موسوعته “الشامل” وتوفى قبل تبييض بقية كتب الموسوعة.
وفي مرضه مكث 6 أيام حتى نصحه الأطباء بتناول شيء من الخمر لتسكين الآلام، فرفض وقال: “لا ألقى الله تعالى وفي بطني شيء من الخمر”، و توفي في مصر سنة 1288 م، عن عمر قارب الثمانين عاماً ودُفِن في الرحمانية، ووهب داره ومكتبته للبيمارستان الناصري.
تعليقاتكم