من أبدع في حياته يموت مبتسما
إيرتون سينا المولود في 21 مارس عام 1960 في ساو باولو في البرازيل لعائلة ثرية، كانت هوايته المفضلة هي اللعب بالمحركات المعطلة الموجودة في مرأب جده وهذا ما دفع والده إلى إحضار مدرب محترف ليعلمه القيادة التي حوّلها سينا إلى فنٍ في ما بعد.
عام 1973 شارك في موسم كامل لسباق السيارات ونال لقب البطولة المحلية في الأولوعمره 13 عاما فقط ومن ثم لقب بطل أميركا الجنوبية. وفي عام 1978 شارك في سباقات بطولة العالم ثم بعد ذلك إلى سباق فورمولا فورد في بريطانيا عام 1981 ليطور خبرته التي أهلته للفوز في سباق فان دايمين منذ الجولة الثالثة فقط. ونتيجةً لذلك نال لقب سائق الموسم بسهولة لتمكنه من الفوز في اثني عشر سباقاً من أصل عشرين.
ومنذ بداية مشواره في بطولة الفورمولا 1، استطاع هذا السائق أن يتواجد بين الأبطال على الرغم من سيارته المتواضعة حينها، فكل محبي هذه الرياضة الميكانيكية لا يزالون يتذكرون كيف احتل سينا المركز الثاني في سباق موناكو في العام 1984 بينما كان يقود سيارة متواضعة جداً.
رب موت كالحياة
تمكن سينا من تحقيق ثلاث بطولات للعالم (1988، 1990 و1991) كما فاز بـ 41 سباق. واشتهر هذا السائق البرازيلي بقيادة سيارته بشكل رائع تحت الأمطار، ففي عام 1993 أقيم سباق في حلبة (دونينجتون بارك) وكان مركز انطلاقه عند البداية هو المركز الخامس وتمكن بفضل مهارته من احتلال المركز الأول قبل نهاية أول لفة من السباق بسبب تأثر باقي السائقين بالأمطار، واشتهر كذلك
بمساعدته للحكومة البرازيلية وفقراء البرازيل من الأموال التي كان يجنيها من بطولات الفورمولا
كذلك في عام 1984 خلال السباق الثاني في جراند بريكس في جنوب أفريقيا نجح في تسجيل نقطة بسيارته المدهشة وجهده المضني. لقد حصد المركز الثاني بعد أن كان في المرتبة الثالثة عشرة بتجاوزه نيكي لاودا وبفضل الأمطار الكثيفة التي هطلت وانسحاب عدد من المتسابقين لخطورة السباق. حينها تجلّى أن قدرته على القيادة تحت المطر تفوق الخيال إذ تنبع هذه القدرة من التجربة المريرة التي عاشها عندما تجاوزته سيارات كثيرة أثناء مشاركته في سباق هطلت أثناءه الأمطار في طفولته.
في عام 1984 خلال سباق غراند بريكس موناكو أظهر العديد من الأشخاص اهتمامهم بمهارته الاستثنائية ما دفع بيتر وور مدير فريق لوتس الذي أثار فضوله أثناء سباق الفورمولا 3، إلى الإصرار على الحصول على السائق البرازيلي المبتدئ متجاهلاً العقد الذي يربط بين سينا وفريق توليمان. وهذا ما جعل سينا يتحول إلى فريق لوتس في الموسم التالي محققاً الفوز في البرتغال وقد أصبح عدد نجاحاته ستة ضمن هذا الفريق إلى أن انتقل إلى مكلارين عام 1988.
في عام 1983 عادت شركة هوندا اليابانية لتزوّد فريق لوتس بالمحركات نزولاً عند رغبة سينا وفي عام 1988 تحالفت مع فريق مكلارين لتشكل بذلك أعظم اتحاد بين المحرك والفريق في تاريخ الفورمولا 1 بالإضافة إلى التشجيع الذي أضفته صداقة سينا مع بطل الفريق ألين بروست مستعرضين أداءهما الرائع ليفوزا بخمسة عشر سباقاً من أصل ستة عشر. بعد ذلك تُوِّج سينا بالمركز الأول متغلباً على زميله البطل الفرنسي.
النهاية
خلال المرحلة التأهيلية في غراند بريكس سان مارينو توقفت الجولة بعد مرور سبع عشرة دقيقة فقط لأن البرازيلي روبينز باريتشيلو فقد السيطرة على سيارته جوردان هارت، وفي مرحلة النهائيات مات المتسابق النمساوي رولاند راتزينبيرجر بعد تجاوزه سرعة 300 كيلومتر بالساعة. عاد سينا بسيارته الآمنة إلى منطقة الحادث وصاح: “يا إلهي!” وفي تلك الليلة طلبت منه صديقته أن يتوقف عن السباق، ولكنه كان مضطراً للفوز به لأنه لم يكن قد سجل أيّ نقاط في ذلك الموسم بعد أن خسر سباقين اثنين.
عندما بدأ سباقه الأخير لاحظ جميع من كانوا حوله أنه كان متوتراً، ويبدو أنه كان يعرف أن مصيره المحتوم قد حان وأنه سيكون سباقه الأخير قبل أن يفارق محبيه وعشاقه وأولهم سباقات الفورمولا 1، وعندما حان موعد بدء سباق (سان مارينو للجائزة الكبرى) في حلبة (أوتودرومو إنزو إيه دينو فيراري) الواقعة في مدينة (إيمولا) الإيطالية والتي سجّل فيها أسرع لفة، انطلق “سينا” كالصاروخ ومن خلفه “مايكل شوماخر” وعندما وصل للمنعطف الشهير (تامبوريلو) – والذي تعرض سائقان من قبل سينا لحادثين عنده – أبا “إيرتون” إلّا أن يثبت أنه لا يخاف الموت الذي كان بانتظاره عند الزاوية وداس على البنزين دون تردد لتحافظ السيارة على سرعتها ففقد سيطرته عليها وأصبحت أقرب ما تكون إلى قذيفة متجهة للجدار الإسمنتي الذي اصطدمت به وتحطمت وتناثرت قطعها في الهواء وليعم الصمت على الجميع.
لقد مات أيرتون سينا دا سيلفا في سن الثالثة والثلاثين محققاً واحداً وأربعين فوزاً وثلاث بطولات عالمية وخمسة وستين مركزاً وتوّج كأسرع متسابق تسع عشرة مرة خلال خوضه 161 سباقاً
تعليقاتكم